بقي هنا أمر آخر وهو أنّ الضرر كما مرّ هو ما لم يكن بإزائه عوض ، والعوض كما أشرنا إليه يعمّ الأخروي أيضا ، والعوض الدنيوي مما يمكن درك وجوده أو انتفائه بخلاف الأخروي ، وعلى هذا فكيف يمكن فهم أنّ الضرر الذي يتضمّنه الحكم الفلاني لا عوض له حتى يكون ضررا. ودفعه أنّ الضرر هو الذي لم يكن بإزائه عوض معلوم أو مظنون ، واحتمال العوض لا ينفي صدق الضرر مع أنّ العوض الأخروي معلوم الانتفاء بالأصل.
فإن قيل : هذا ينفع إذا لم يكن الحكم المتضمّن للضرر داخلا في عموم دليل شرعي ، وأما إذا كان داخلا فيه سيّما إذا كان من باب الأوامر وأمثاله يثبت العوض ويلزمه عدم تعارض نفي الضرر مع عمومه مع أنه مخالف لكلام القوم ، مثلا إذا ورد إذا استطعتم حجّوا أو إذا دخل الوقت صلّوا يدل بعمومه على الأمر بالحج والصلاة في كل وقت حصل الاستطاعة أو دخل الوقت وإن تضمّن ضررا كليا والأمر يدل على العوض فلا يكون ضررا.
قلنا : الأمر تعلّق بالحج والصلاة ولازمه تحقق الأجر المقابل لماهية الحج والصلاة المتحقق في حالة عدم الضرر أيضا ، وأما حصول عوض في مقابل الضرر وأجر له فلا دليل عليه ، نعم لو كان نفس الضرر مما أمر به يحكم بعدم التعارض وعدم كونه ضررا كما في قوله (عليهالسلام) «إذا ملكتم النصاب فزكّوا» وأمثاله ، انتهى كلامه رفع مقامه.
أقول : قد عرفت أنّ مقابلة الضرر بالأجر الأخروي لا ينافي صدق الضرر عرفا فلا إشكال ، وبه أجاب المصنف (قدسسره) عن كلام العوائد في الرسالة ، وإلّا فالإشكال وارد عليه ولا يصح دفعه بما دفعه من عدم دلالة عمومات الأدلة على حصول العوض الأخروي في مقابل الضرر ، وإنما هو في مقابل