فيكون منفيا في الشرع ، بخلاف الإضرار بالنفس فإنّ إباحته بل طلبه على وجه الاستحباب ليس حكما ضرريا ، ولا يلزم من جعله ضرر على المكلفين ، نعم قد استفيد من الأدلة العقلية والنقلية تحريم الإضرار بالنفس ، انتهى. ويقرب منه ما يظهر من المتن في مرجوحية هذا المعنى هذا.
مضافا إلى أنّ استعمال الجملة الخبرية في الإنشاء وكذا الالتزام بمجاز الحذف أو تنزيل الفعل المحرّم منزلة المعدوم كما أشرنا إليها في توجيه هذا المعنى كلها مجاز ومخالف لظاهر القضية محتاج إلى القرينة المفقودة في الرواية ، ولا داعي مع ذلك للحمل على هذا المعنى مع صحة حملها على المعنى الظاهري الذي يأتي. وحكى صاحب العوائد (١) عن البدخشي اختيار هذا المعنى وأنّ النفي بمعنى النهي بقرينة الأصل الضرر الواقع ، ودفعه بأنّ الضرر الواقع لا يصلح قرينة له ، لأنّ المراد بالضرر الواقع إن كان مطلق الضرر فيكون كذلك ، ولكن قرينة المقام وهو كون النبي (صلىاللهعليهوآله) في مقام بيان أحكام الدين والإسلام تدل على نفي الضرر والضرار في الإسلام من حيث هو إسلام ، وليس مثل هذا الضرر بواقع ، إلى آخر ما ذكره من مبعّدات هذا المعنى ومقرّبات المعنى الآخر.
والتحقيق ما عرفت من أنّ هذا المعنى خلاف الظاهر ، والقرينة التي ادّعاها البدخشي مناسبة لجميع المعاني المذكورة للرواية كما لا يخفى ، والعجب من صاحب العناوين (٢) أنه اختار هذا المعنى مدعيا أنّ سياق الروايات يرشد إلى ذلك ، وهو الأنسب بملاحظة كون الشارع في مقام الحكم لا في مقام ما
__________________
(١) عوائد الأيام : ٥٠.
(٢) العناوين ١ : ٣١١.