ظرفا للضرر فلا يناسب أن يراد منه الفعل المضرّ ، وإنما المناسب الحكم الشرعي المتوجه إلى العباد في مورد الضرر كما هو كذلك في قوله لا حرج في الدين.
الثالث : أنّ لازم هذا المعنى عدم جواز التمسك بالقاعدة لنفي الحكم الضرري المتحقق بنفس التكليف كوجوب الوضوء مع التضرر به ، لأنّ الضرر الحاصل لم يجعل له الشارع تداركا مع أنّ العلماء لم يفرّقوا في الاستدلال بالقاعدة بين الإضرار بالنفس والإضرار بالغير.
أقول : وفي الكل نظر ، أما الأول : فلمنع عدم صدق التنزيل وصحته بمجرّد حكم الشارع بالتدارك وإن كان التنزيل عند التدارك الفعلي أقرب وأتمّ إلّا أنه لا ينافي صدق التنزيل في الأول أيضا ، ألا ترى أنه يصحّ أن يقال إنّ الظلم والخيانة في مملكة السلطان الفلاني منفي إذا صدر من ناحيته حكم لزوم الانتقام والسياسة عليهما.
وأما الثاني : فلمنع عدم المناسبة المذكورة وإن كانت المناسبة في رفع الحكم أقوى وأتم ، بل مناسبة رفع الحكم أوجبت مناسبة رفع الموضوع أيضا كما يظهر ذلك بملاحظة الأشباه والنظائر ، وليس هو إلّا كرفع موضوع الخطأ والنسيان إلى آخر التسعة المذكورة في حديث الرفع على ما وجّهناه في محلّه من المعنى المختار فتذكّر.
وأما الثالث : فلأنّ أخصية معنى الرواية مما استدلوا عليه بالقاعدة لا توجب مرجوحية هذا المعنى إذا كان اللفظ ظاهرا فيه ، فيقع الكلام في صحة الاستدلال بالقاعدة على العموم ، ويرد الإشكال عليهم من جهته ، اللهمّ إلّا أن يقال إنّ فهمهم يكون قرينة على المراد أعني يستكشف منه كون اللفظ مقرونا بقرينة أوجبت فهمهم ذلك ، وهو محلّ تأمل وإشكال سيّما إذا كان المستدلون