ترى أنه لو قال أكلت كلّ رمانة إلّا الحامض منها وكانت آلافا ثلاثة منها غير حامض والباقي حامض كان مستهجنا البتّة ، بخلاف ما لو قال أكلت كل نوع من أنواع الرمان إلّا الحامض وكانت أنواعا ثلاثة الحلو والحامض والمرّ فإنه تخصيص مقبول ، نعم هنا طريق آخر لرفع استهجان تخصيص الأكثر وهو أن يقال إنّ خروج هذه الأفراد لعله كان بعنوان التقييد بقيد جامع لهذه الأفراد الخارجة وإن كنّا لا نعرفه. فإن قلت : إنّ مجرّد هذا الاحتمال لا يكفي في صحّة الاستدلال بعموم القاعدة. قلت : ظهور العموم في حدّ نفسه كاف فإنه مقتض لثبوت الحكم بنحو العموم ، وإنما الشك في عروض مانع تخصيص الأكثر ليصير ذلك قرينة على الصرف عن الظهور ، فإذا جاء الاحتمال المذكور لم يتيقّن المانع فيؤخذ بالظهور.
فإن قلت : لو صحّحنا تخصيص الأكثر باحتمال القيد الكذائي لم يمكن التمسّك بالعموم في الموارد المشكوكة ، لأنّ عنوان القيد مجهول ، فلعل المشكوك داخل في عنوان المخرج فإنّه من قبيل الشك في مصداق المخصص.
قلت : نفرض القيد المذكور جامعا للأفراد التي نعلم خروجها فقط فإنه محتمل والمفروض صحة الاكتفاء بهذا الاحتمال ، هذا كله بناء على أن يكون معنى لا ضرر في الإسلام أنه لا ضرر في هذه الأحكام الموجودة. وبعبارة أخرى أنّ هذه الأحكام ليس فيها ضرر ، أما إذا كان المعنى أنّ الأحكام الضررية غير مجعولة في الإسلام فلا يلزم منه تخصيص الأكثر ، لأنّه كان يمكن جعل الأحكام الضررية أضعاف الأحكام الموجودة ولم يجعلها ، فما جعلها من الأحكام الضررية أقلّ قليل بالنسبة إلى ما لم يجعلها ، وكذا إذا كان المعنى ما زعمه المحقق القمي (رحمهالله) من أنّ المرفوع هو الضرر الزائد عن الضرر