المتن وفي الرسالة فليس من هذا القبيل ، بل من قبيل الأول لأنّ الضرر قد توجّه إلى المكره أوّلا من الجائر بسلطنته عليه وتوعيده وإن كان الجائر قد أراد الإضرار بغير المكره بحسب إرادته الأولية إلّا أنه لم يوجّه الضرر إليه بل إلى المكره ، ألا ترى أنه يصحّ أن يقال إنّ المكره مأخوذ بظلم الظالم وفي عسر وضيق من الظالم دون ذلك الغير ، فلو اختار المكره إضرار الناس للتخلّص عن ضرر الظالم يصدق أنه أضرّ الغير لدفع الضرر عن نفسه فافهم واغتنم.
ثم لا يخفى أنّ المصنف جعل هذا المثال في الرسالة وكذا في كتاب المكاسب من قبيل القضية الثانية متّضح الحكم ، وجعله في المتن من قبيل تعارض الضررين وعدم الترجيح والرجوع إلى قاعدة الحرج ، وقد عرفت أنّ التحقيق أنه من قبيل القضية الأولى.
قوله : فإنه يرجع إلى قاعدة نفي الحرج (١).
فيه نظر ، إذ لو سلّمنا أنّ المثال من قبيل تعارض الضررين لا يمكن أن يكون المرجع قاعدة الحرج ، إذ كما أنّ إلزام الشخص بتحمّل الضرر لدفع الضرر عن غيره حرج كذلك ترخيصه بإدخال الضرر على ذلك الغير أيضا حرج على الغير فيتعارض الحرج من الجانبين كالضرر فافهم.
قوله : وقد ذكرنا توضيح ذلك في مسألة التولّي من قبل الجائر من كتاب المكاسب (٢).
قد جعل المسألة هناك أوّلا من قبيل تعارض أدلة الإكراه وحرمة الإضرار بالغير ثم قرّرها أخيرا بحيث يرجع إلى تعارض الضررين وترجيح
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٦٧.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٤٦٧.