ولذا عرفه النائيني قده بتعريف آخر حيث رأى ورود الإشكال على هذا التعريف بأنه حكم شرعي ببقاء الإحراز السابق من حيث اثره وهو الجري العملي على طبقه (١) فبين قده مائزه من ساير الأصول بأنه حكم ببقاء الإحراز فإن البراءة حكم تعبدي لا يكون فيها جهة الإحراز ومائزه من الأمارات هو أن الموضوع فيه الشك وفيها يكون المورد هو الشك وفيه أن مبناه قده على أن سند الحجية هو الاخبار فقط ويكون اليقين في قوله عليهالسلام لا تنقض اليقين بالشك مرآتا عن المتيقن ومعناه ترتيب آثار المتيقن على المشكوك تبعا للشيخ قده وعلى هذا لا ينطبق هذا التعريف لأنه يكون عليه هو الحكم الشرعي بالمحرز وهو المتيقن لا الحكم الشرعي بالإحراز.
نعم ينطبق على مسلكنا في ذلك عملا بظهور الرواية وهو أن اليقين لا ينقض بالشك فكل أثر يكون على اليقين نفسه وعلى المتيقن الّذي يكون اليقين مرآتا بالنسبة إليه يترتب عليه فإن بعض الآثار يكون لخصوص اليقين فانه إذا كان جزء الموضوع يكون اليقين الّذي استصحب مقامه لأن المفروض أنه باق وهذا لا يترتب على القول بتنزيل الأثر في المتيقن فقط لأن لازمه هو بقاء المتيقن بحكمه على ما هو عليه لا اليقين ومن مفاسد مبناه هو عدم حكومته على البراءة أيضا لأن الإحراز الّذي هو الفارق لا يكون ثابتا به ومنه عدم جواز الصلاة مع استصحاب الطهارة لأن شرطها هو الطهارة الواقعية وهي لا تثبت بواسطة تنزيل المشكوك منزلة المتيقن.
وثانيا أنه لو كان هو الحكم ببقاء الإحراز لا ينطبق على ما هو فعل المأمور وهو
__________________
(١) هذه العبارات من كتاب أجود التقريرات للعلامة الخوئي مد ظله ص ٣٤٣ ولكن تعبيره في فوائد الأصول (تقرير الشيخ محمد علي الكاظمي قده) بنحو آخر وهو قوله فالأولى في تعريفه أن يقال أن الاستصحاب عبارة عن عدم انتقاض اليقين السابق المتعلق بالحكم أو الموضوع من حيث الأثر والجري العملي بالشك في بقاء متعلق اليقين وهذا المعنى ينطبق على ما هو مفاد الاخبار إلخ وقد رأيت أن اشكاله مد ظله يكون على التعبير في الأجود وتعبيره في الفوائد خال عنه.