الأوّل : أنّ سليمان عليهالسلام كان يتمنّى أن يكون له أبناء شجعان وأكفاء ليديروا حكومته من بعده ، ويعينوه في حياته على إدارة البلاد والنظام والجيش ، ولذلك قال في إحدى الليالي : لقد صممت على مقاربة العديد من نسائي على أمل أن ارزق بأولاد أكفاء ، لكنّه لم يقل : (إن شاء الله) ، فبسبب ترك الأولى هذا لم يرزق من زوجاته سوى طفل ناقص الخلقة كالجثّة الهامدة حيث ألقوه على كرسيّه.
جاء في حديث عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله : «والذي نفس محمّد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً!» (١).
وهنا انتبه سليمان عليهالسلام إلى أنّه ترك الأولى فتاب لذلك وعفى الله تعالى عنه.
الثاني : أنّ المراد من جملة : (أَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً) هو أنّ سليمان قد مرض مرضاً شديداً حتّى عاد كالجثّة الهامدة فوق كرسيّه ، فكان ذلك ابتلاءً إلهيّاً ، ثمّ استعاد عافيته وشفى ، وهو المراد من كلمة «أناب» في الآية.
طبقاً لهذا التفسير الوارد في تفاسير الكثير من أقطاب المفسّرين تكون جملة : (أَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً) ، بمعنى : (القيناه على كرسيه جسداً) وهي خلاف ظاهر الآية بطبيعة الحال.
فضلاً عن عدم وضوح ما هو ترك الأولى الصادر من سليمان عليهالسلام على أثر هذا المرض ليستغفر ربّه؟ إلّاأن يقال : إنّ الإنسان يرتكب تركاً للأولى في حالاته المختلفة بشكل عامّ وحال مرضه بشكل خاصّ ، وأنّ سليمان قد استغفر ربّه لمثل هذه الحالات ، لكنّ هذا الجواب مبهم وغير مقنع.
الموضوع الآخر الذي اثير حول هذا النبي العظيم ، هو الجملة التي تلي نفس هذه الآية وهي قوله : (وَهَبْ لِى مُلْكاً لَايَنْبَغِى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى).
فهل يتلاءم ، هذا الطلب مع الروح السامية والنظرة البعيدة والزهد المنقطع النظير
__________________
(١) ذكر البخاري هذا الحديث في صحيحه ، كما ذكرته بعض التفاسير ومن جملتها روح البيان ؛ وفي ظلال القرآن في ذيل الآيات مورد البحث.