مقامه إذ كما قلنا : «حسنات الابرار سيئات المقربين».
الآخر هو أنّ المراد بالذنب هو معصية الامّة (وبناءً على هذا ففي الآية شيء مقدّر وهو كلمة «الامّة» ، أي (من ذنب امّتك ..).
وقول ثالث يشير إلى أنّ المراد به الذنوب التي ارتكبت في حقّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، (إذ إنّ للذنب معنىً مصدريّاً يضاف أحياناً إلى الفاعل واخرى إلى المفعول) ، ومن المسلّم أنّ الأعداء لم يتمكّنوا من تكرار ارتكاب نفس تلك المظالم والذنوب ، التي ارتكبوها في حقّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قبل فتح مكّة.
لكن ما عدا التفاسير الثلاثة المتقدّمة وتفاسير اخرى أهملناها لعدم أهميّتها ، فلدينا تفسير أنسب وأكثر انسجاماً مع مضمون ومحتوى الآيات المذكورة والقرائن الموجودة فيها ، وذلك من جهات شتّى ، كما ويتلاءم مع روايات المعصومين عليهمالسلام أيضاً :
توضيح ذلك : لغرض فهم معنى الآية يجب التركيز على التعابير السابقة واللاحقة لها ، بالإضافة إلى التعابير التي تتضمّنها الآيات نفسها ، إذ تمّ التصريح في هذه الآية بوجود علاقة بين «الفتح» المذكور وغفران هذه الذنوب ، يقول تعالى : إنّ الهدف من هذا «الفتح المبين» (صلح الحديبية أو فتح مكّة على حدّ قول البعض) هو أن يغفر الله ذنوبك السابقة واللاحقة.
علاوة على هذا ، فغفران الذنوب السابقة معلوم ، امّا الذنوب التي لم ترتكب بعد فكيف تشملها المغفرة الإلهيّة ، ألا يفهم من هذا الكلام إعطاء الضوء الأخضر بجواز ارتكاب أي ذنب في المستقبل؟ فهل هذا الأمر منطقي ومعقول؟!
من خلال التدقيق في هاتين الملاحظتين يمكننا إدراك المفهوم الواقعي للآية ، وهو أنّ من الطبيعي عند حدوث ثورة إلهيّة فسوف يتعرّض ذوو المصالح اللامشروعة للخطر بسببها ، ومنهم المؤيّدون للعادات الخرافية ، والمتعصّبون بلا دليل ، والمتحجّرون الجامدون الذين يجدون عقائدهم الخاطئة مهددة بالخطر والزوال ، فسوف يقفون في وجه تلك الثورة بكلّ قوّة ، ونراهم ينسبون إليها كلّ ما هو مُشين ، لغرض إجهاضها وإخمادها ، فيصطنعون