وظهور النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بين قوم كهؤلاء هو دليل على عظمته وصدق دعوته.
لكن البعض من المفسّرين اعتبر لفظة «الامّيين» إشارة إلى أهل مكّة التي كانت تسمّى بـ «امّ القرى» ، وربّما قيل : إنّ المراد من «الامّيين» هم العرب وذلك لجهلهم بالقراءة والكتابة أيضاً.
لكن المعنى الأوّل أكثر تناسباً من تلك المعاني.
سادساً : إنّ التعبير بـ «ضلال مبين» هو أفضل تعبير يعكس حالة عرب الجاهلية ، فهم كانوا في ضلال ، وأي ضلال ، إنّه ضلال مبين ظاهر بجميع أبعاده ، ألم يكن وأد البنات وعبادة الأوثان والتعصّبات القبلية المقيتة والحروب الدائمة والإفتخار بالإغارة على الآخرين وأمثالها ضلالاً مبيناً؟
* * *
والآية الثالثة تشير أيضاً إلى مسألة التربية والتعليم التي حصلت عند المسلمين على يدي نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله مع هذا الفارق وهو التأكيد بصورة خاصّة على العلوم والمعارف التي يستحيل كسبها بدون بعثة النبي صلىاللهعليهوآله ، حيث تقول : (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ).
وتفسير هذه الآية كسابقاتها ، مع فارق وجود جملة في ذيلها تشير إلى أنّ نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله قد علّم الناس علوماً يستحيل الحصول عليها من دون الوحي ، وهنا ينبغي ألّا يفوتنا التفاوت الواضح بين جملة (لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) النافية لإمكانية التعلّم و (لَمْ تَعْلَمُوا) النافية للعلم.
قال في «روح المعاني» بعد الإلتفات إلى الجملة الأخيرة التي تشير إلى العلوم التي لا يمكن اكتسابها إلّاعن طريق الوحي : على هذا فالجملة المشار إليها هي من قبيل ذكر الخاص بعد العام (١).
__________________
(١) تفسير روح المعاني ، ج ٢ ، ص ١٧.