تأويل هذه الآية ، وهو الذي عليه أهل التحقيق من المفسّرين والعلماء الراسخين».
ثمّ يتابع كلامه هذا قائلاً : «يقول الترمذي في نوادر الوصول (وضمن الإشارة إلى هذا الحديث) بأنّ علي بن الحسين قد جاء بهذا من خزانة العلم جوهراً من الجواهر ودرّاً ثميناً من الدرر ...» (١).
د) الآية الأخرى التي تثير الاستفهام حول النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله هي قوله تعالى : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِى آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). (الانعام / ٦٨)
السؤال هو : لو تمكّن الشيطان من النفوذ إلى روح النبي الطاهرة وأنساه الحكم الإلهي بعدم مجالسة أهل الباطل ، فكيف يمكن أن يكون معصوماً من الخطأ؟ وبعبارة أخرى أنّه يفتقد أحد فرعي «العصمة» وهو الصون من السهو والخطأ والنسيان ، ألا تخدش الآية أعلاه في عصمة الرسول صلىاللهعليهوآله؟
* * *
الجواب :
التأمّل في الآية التي تليها يبيّن بكلّ وضوح أنّ الحديث وإن كان حسب الظاهر موجّهاً إلى النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، لكنّ المراد في الواقع هو أصحابه ، وأنّهم لو ابتلوا بالنسيان وشاركوا في المجالس الملوثة بالذنوب ، واستهزأ الكفّار بمقدساتهم فيجب عليهم ترك ومغادرة ذلك المكان فوراً ، وذلك لكي يلتفتوا إلى أنفسهم ، وهذا في الحقيقة من قبيل المثل العربي المعروف : «ايَّاكَ اعْنِى وَاسْمَعِى يَاجَارَةٌ».
إذ انّنا نقرأ في الآية التي تليها : (وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَىْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ). (الأنعام / ٦٩)
__________________
(١) تفسير القرطبي ، ج ٨ ، ص ٥٢٧٢ ، ذيل الآيات مورد البحث.