وكما نلاحظ فالكلام في هذه الآية يخصّ المتّقين ، والمقصود منه عامّة المسلمين لا شخص النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وهذه الآية تكمل بحث الآية السابقة عليها.
نظير هذه الأبحاث يشاهد في الكثير من الحوارات اليومية أيضاً وفي آداب مختلف اللغات ، والتي توجّه الكلام إلى شخص معيّن وتقصد شخصاً غيره.
من جملتها ما نشاهده في القرآن الكريم وذلك عند التوصية في حقّ الأبوين : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً). (الاسراء / ٢٣)
واضح أنّ الضمير في «ربّك» يعودإلى النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، في حين أنّ خطابـ «ألّا تعبدوا» موجّه إلى كافّة المؤمنين (لوروده بصيغة الجمع) ، ثمّ أنّه في جملة : «إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ» ، وإلى آخر الآية ، فالضمائر كلّها مفردة والمخاطب فيها هو النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله مع علمنا بأنّه صلىاللهعليهوآله كان قد فقد أبويه لسنين طويلة قبل النبوّة ، وبناءً على هذا فمثل هذه الأوامر حول احترام الأبوين التي تخاطب النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله إنّما هي من قبيل المتقدّم : «ايَّاكَ اعْنِي وَاسْمَعِي يَاجَارَة».
وما ذهب إليه جمع من مفسّري أهل السنّة ، من عدم المانع من كون النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله هو المخاطب في الآية مورد البحث ، وجواز مثل هذا النسيان في حقّه ، لا يبدو صحيحاً ، حيث إنّ مورد آية النسيان هو أحكام الله تعالى ، وهل يصحّ أن ينسى النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله الأحكام الإلهيّة ، وأي اعتماد واطمئنان بعد ذلك في كلامه عن الوحي الذي هو أساس دعوته والحالة هذه؟!
ه) البعض من آيات سورة «الضحى» هي من جملة الآيات التي تدعونا ، نحن الذين نعتقد بلزوم عصمة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله منذ ولادته ، للإستفسار ، يقول تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى* وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى* وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى). (الضحى / ٦ ـ ٨) للمفسّرين آراء مختلفة حول تفسير هذه الآية وبيان محتواها : فالقليل منهم فسّر الآية بمعنى الكفر والضلال ، بل حتّى أنّ بعض المفسّرين الغافلين الذين يجهلون أدلّة العصمة