قالوا : إنّ نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله كان على دين قومه (الوثنية) أربعين سنة إلى أن هداه الله.
لكن كلّ مفسّري «الشيعة» وجمهور مفسّري «السنّة» (كما اعترف بذلك الفخر الرازي) لم يقبلوا مثل هذا التفسير ، بل متّفقون بالجملة على أنّ نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله لم يكفر طوال عمره ، ولو لحظة واحدة ولم يشرك أبداً.
ولهؤلاء المفسّرين آراء عديدة حول تفسير الآية وقد بلغ عددها عشرين تفسيراً ، جمعها الفخر الرازي في ذيل الآية مورد البحث ، ومن التفاسير التي تلفت النظر وتتسق مع مضمون الآية وسائر آيات القرآن هي التفاسير التالية :
١ ـ مع الإلتفات إلى الآيتين السابقة واللاحقة لها واللتين تشيران إلى فترة طفولته صلىاللهعليهوآله وشبابه ، أي الإشارة إلى أنّك أيّها النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قد تعرضت للضياع في تلك الفترة (مراراً) وتعرّضت حياتك للخطر (تارةً حينما جاءت بك امّك من مرضعتكـ «حليمة السعدية» وذلك بعد انقضاء فترة رضاعك إلى مكّة لتسلّمك إلى عبدالمطلّب فضعت في الوادي ، وتارةً أخرى بين أودية مكّة حين كنت في كفالة عبدالمطلّب ، وثالثة حينما كنت متّجهاً مع عمّك أبي طالب في قافلة إلى الشام ، إذ ضللت الطريق في ليلة حالكة الظلام ، وانقطع عنك رفاق طريقك) ، فهداك الله في كلّ هذه الموارد وأعادك إلى أحضان جدّك أو عمّك الحنونين.
الدليل على هذا التفسير هو إشارة الآية التي سبقتها إلى مسألة يُتم النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، واللاحقة لها المشيرة إلى فقره المادّي ، «الضلالة» و «الهداية» اللتين توسطتا هاتين الآيتين ، هما تلك الهداية والضلالة الماديّة والجسمية ، وإلّا فثبوت الهداية المعنوية بين هذين الأمرين المادّيين لا يبدو مناسباً كثيراً (تأمّل جيّداً).
٢ ـ المراد من الضلالة والهداية هو الإطّلاع وعدمه ، على الأسرار النبوية وقوانين الإسلام ومعارف القرآن ، أي أنّك لم تكن مطّلعاً أبداً على هذه الامور ، بل قذف الله هذا النور في قلبك لتهدي به الناس.
الدليل على هذا الإدّعاء هو آيات أخرى من القرآن ، من جملتها الآية التي تقول : (مَا