بتكوين الإنسان وحياته ، مثل تلك السفينة التي كانت لفريق من المستضعفين ، والتي خرقها الخضر ليحول دون غصبها من قبل الملك الظالم ، أو الشاب الذي قتله الخضر لأنّه سوف يكون سبباً في انحراف أبويه المؤمنين مستقبلاً ، أو الجدار الذي كاد ينقضّ حيث قام الخضر بترميمه حفاظاً على كنز الأيتام الموجود تحته.
فالخضر كان يسعى دائماً بأسلوبه الخاصّ لمساعدة المظلومين والمؤمنين ، في حين كان تصرّفه هذا بنظر موسى خاطئاً وغير مطابق للموازين الشرعية ، وذلك بسبب عدم اطلاعه على بعض الحقائق التي كانت محجوبة عنه ، ولذا كان يغضب كثيراً حتّى أنّه نسي أكثر من مرّة عهده الذي أعطاه للخضر ، بعدم الإعتراض على ما يفعله قبل بيانها واعترض عليه بشدّة ، ثمّ اعتذر منه بعد التفاته إلى ذلك.
هذه القصّة بكلّ نكاتها اللطيفة تؤكّد على حقيقة أنّ موسى عليهالسلام كان بصدد تعلّم مثل هذه العلوم من الخضر عليهالسلام بأمر من الله ، في حين أنّ هذه العلوم لم يكن لها دخل في مسألة إبلاغ النبوّة ، بل تعتبر سبباً في تكاملها لأنّها تعني التعمّق في المسائل بشكل أكبر.
ولو اعتبرنا الخضر نبيّاً (نظراً لوجود الخلاف بين المفسّرين والمحدّثين حول نبوّته) فسنصل إلى هذه النتيجة أيضاً وهي أنّ هناك علوماً لدى الخضر وراء علوم الشريعة ، وبديهي أنّ اطّلاع الأنبياء عليهمالسلام على هذه الحقائق يعني أنّ الله تعالى قد جهّزهم بعلوم كثيرة ، لتكون لهم قدرة أكبر على هداية الخلق ورسم الطريق لنيل المطلوب ، وإن كانت هذه العلوم بعيدة كلّ البعد عن الشروط القطعية للنبوّة.
* * *