علم غيبه عند أنبيائه فقط ثمّ يستعين الآخرون بهم ، أي بالضبط مثلما أنّ «مريم» مثلاً ، أو امرأة إبراهيم «سارة» اطّلعتا عن طريق الملائكة الإلهيين على البعض من أسرار الغيب فيما يتعلّق بولادة عيسى أو إسحاق ويعقوب عليهمالسلام.
كما ويحتمل أيضاً كون العلوم العينية على ثلاثة أقسام : قسم منها خاصّ بذاته تعالى ، لم يطّلع عليها سواه حتّى الأنبياء المرسلين والملائكة المقرّبين (كالعلم بزمان قيام الساعة وأمثالها).
الثاني : العلوم الغيبية الخاصّة التي يودعها الله عند المعصومين (الأنبياء والأئمّة والملائكة المقرّبين) ، والقسم الثالث : العلوم التي يودعها عند فريق من الأتقياء الذين يبلغون مقام الشهود ، وتزال الحجب عن قلوبهم كما ورد عن بعض أصحاب النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله وأصحاب أئمّة الهدى عليهمالسلام ، مثل سلمان وأبي ذرّ وميثم التمّار ورشيد الهجري وأمثالهم ، أو ما نقل في عصرنا عن فريق من العلماء المتقدّمين أو المتأخّرين ، وبالإمكان إطلاق اسم «خاصّ الخاصّ» على القسم الأوّل و «الخاصّ» على الثاني و «العام» على الثالث.
ويمكن أن تكون العبارات من قبيل (فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ) إشارة إلى نفس هذا المعنى ، لأنّ لفظة «غيبه» لها دلالة على الأسرار الغيبية الخاصّة.
٢ ـ إنّه فضلاً عمّا قيل عن الصلحاء من أرباب الكشف والشهود ، فلقد سمعنا مراراً وتكراراً أنّ فريقاً من الكهنة في العصر الجاهلي ، أو المرتاضين في عصرنا ، الذين لم يكونوا من أهل الإيمان والتقوى ، يخبرون أحياناً عن أسرار الغيب أو الامور الخافية عن أنظار الناس ، ويتوقّعون اموراً تحدث بعد ذلك ، أليس هذا منافياً لما قيل آنفاً حول تفسير الآيات؟
لكن الإلتفات إلى نكتة واحدة يكشف الإجابة عن هذا السؤال ، وهي إنّ توقّعات المرتاضين وإخبارات الكهنة الغيبية لم تكن أبداً إخبارات يمكن الإعتماد عليها ، فضلاً عن عدم خلوّها من الإشتباه بأي حال من الأحوال ، فقد تصدق أحياناً وقد تكون كاذبة أحياناً اخرى ، وهناك أمثلة كثيرة جدّاً عليها ، وبناءً على هذا فلا يمكن أبداً اعتبار هذه الأخبار والمعلومات من علم الغيب ، بل إنّهم يعترفون بأنفسهم أحياناً بأنّ هذه الأخبار هي تلقين