وبهذا فهذه الآيات تعتبر الأمور الخارقة للعادة (المشروطة) تمثل الطريق لمعرفة الأنبياء عليهمالسلام.
هذه الآيات لم تقل أبداً أنّ هذا الشيء قد تجسّم أمام أنظار فرعون ، بل تحكي عن حقيقة متحقّقة ألا وهي استبدال العصا بثعبان رهيب ، وبياض يد موسى حينما أخرجها من جيبه ، كما أنّ التعبير بالـ «مبين» إشارة إلى نفس هذا الشيء أيضاً.
يحتمل أن يكون السبب وراء اختيار هاتين المعجزتين يعود إلى امتلاك إحداهما ميزة الإرهاب للمستكبرين والمعاندين وتهديدهم ، والأخرى ميزة الترغيب لإيمان المؤمنين ، على أمل أن يمتزج «اللين» بـ «الشدّة» ليقدما معاً دواءً شافياً للعباد.
* * *
وفي الآية الثانية تمّت الإشارة بقوّة إلى معجزات السيّد المسيح ، وتمّ التعبير عنها بالـ «آية» ، وكان ذلك في وقت بشّرت فيه مريم عليهاالسلام بولادة المسيح عليهالسلام ، إذ قال تعالى : (وَرَسُولاً إِلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنِّى قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّى أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْىِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنينَ).
وقد تمّ في هذه الآية ذكر مجموعة من معجزات السيّد المسيح : خلق الطير من الطين ، وإبراء الأكمه والأبرص الذي يستحيل علاجه ، وإحياء الموتى ، والتي تمّت كلّها بإذن الله بالإضافة إلى الإطّلاع على الأمور الخفيّة وأسرار الغيب.
لم تكن معجزة المسيح لتنحصر بهذه المعاجز الأربع فحسب ، إذ إنّ هناك خوارق أخرى للعادات قد نقلت عنه في القرآن الكريم ، من جملتها تكلّمه في المهد ، ونزول مائدة من السماء على الحوارين بدعائه.
والمعروف هو أنّ اختيار الله لقسم من هذه المعجزات للمسيح عليهالسلام ، إنّما كان بسبب انتشار العلوم الطبيّة وتطوّرها في ذلك الزمان ، وحاجة الناس الماسة إلى مهنة الطبابة نظراً