ليقابله بالمثل ، فضلاً عن أنّ أعمال النوابغ محدودة بحدود معيّنة على الدوام ، فأحدهم يبرز مثلاً في الأدبيات والآخر في الفنّ والثالث في الرياضيات والرابع في الصناعة و... ، امّا إعجاز الأنبياء عليهمالسلام فلا يحدّه إطار معيّن.
وبعبارة اخرى فأهل النبوغ إنّما يؤدّون ما يعلمون لا ما يطلبه الناس منهم ، في حين أنّ معجزات الأنبياء تتمّ طبقاً لمراد الناس (وهم أتباع الحقيقة طبعاً ، لا من يبحث عن الحجج والذرائع).
بالإضافة إلى قيام النوابغ عادةً بتنمية قدراتهم الباطنية عن طريق التربية والتعليم ، وعجزهم عن أداء أي شيء مع غياب التعلّم المستمرّ والتمرين المتواصل ، في حين أنّ هذا لا يصدق في حقّ الأنبياء عليهمالسلام.
* * *
و) هل أنّ المعجزات عمل إلهي أو نتيجة قوّة نفوس الأنبياء؟
طبقاً لما قلناه سابقاً ، فالأمور الصادرة من النبوغ أو إرادة الإنسان القويّة أو النفوس السامية ، هي أمور محدّدة ومشخّصة ، وبالإمكان العثور على نظير ذلك الشيء عند باقي البشر ، في حين أنّ المعجزات غير محدودة وغير قابلة للمعارضة ، كما أنّه لا يمكن العثور على أمثالها في غير الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام.
أمّا حديثنا فيدور حول المعجزة ، وهل أنّها من عند الله وأنّ دور الأنبياء يقتصر على الدعاء والطلب فحسب ، أم أنّ الله يمنح نفوس الأنبياء وإرادتهم قوّةً تمكّنهم من أداء هذه الأعمال الخارقة للعادة بإذنه تعالى؟
لا شكّ أنّ بعضاً من المعجزات كالقرآن المجيد هو عمل الله وكلامه ، والحديث هنا عن معجزات أخرى كمعجزة عصا موسى عليهالسلام واليد البيضاء ، ومعجزات المسيح عليهالسلام فيما يتعلّق بإحياء الموتى وشفاء المرضى.
وكلا الاحتمالين ممكنان بنظر العقل ، أي أنّه لا مانع أبداً في أن تتحقّق المعجزة من قبل