إثبات النبوّة بواسطة المعجزات ، وفاتكم انّكم إنّما تهدمون بذلك أساس التوحيد.
وعلى حدّ قول البعض الآخر : إنّ النظام الإلهي ليس العوبة بيد المتلاعبين ، يحرّكونه كيفما شاءوا وأمثال ذلك.
والحقيقة أنّ الذين يدّعون بمثل هذا هم من المتغرّبين المادّيين ، الذين توهّموا أنّ إنكارهم للمعجزات هذا ، سيلفت أنظار المفكّرين الغربيين إليهم ، حتّى المادّيين منهم ، مع كون هذا الكلام خطأ محض بسبب :
أوّلاً : كما تقدّم سابقاً أنّه لا شكّ لأحد في «أصالة» و «عمومية» قانون العلّية ، كما أنّ تفسير المعجزة بـ «المعلول بلا علّة» خطأ فادح ، وغياب مسير العلل العادية استثناءً بمثال محدود واحد أو أكثر ، لا يخدش في نظام الكون أبداً ، لأنّ ما يتجسّد أمامنا كلّ ساعة من الآلاف المؤلّفة من مصاديقه لا يمكن أن يتزلزل بحالة استثنائية تحدث بالسنة مرّة مثلاً فضلاً عن كون حصول ذلك الاستثناء لإثبات هدف أكبر ، نعم لو حدثت كلّ يوم آلاف الآلاف من المعاجز لكان هناك مجال لتردّد البعض في أصل وجود نظام الكون.
ثانياً : لم يدّع أحد أنّ نظام الله هو ألعوبة ، أو أنّ الأنبياء عليهمالسلام يتصرّفون به كما يحلو لهم ، بل الذي نقوله هو أنّ الأنبياء عليهمالسلام إنّما يظهرون أمراً خارقاً للعادة بأمر من الله ، ليثبتوا ارتباطهم بعالم ما وراء الطبيعة ، مع اكتفائهم بالحدّ الأدنى من المعاجز ، وعدم استعدادهم لتقبّل المعجزات المقترحة (المعجزات التي تقترح من قبل ذوي الحجج والشكوك الباطلة).
وهناك العديد من الآيات القرآنية التي تشير إلى هذا المعنى ، والتي سنتكلّم عنها بالتفصيل إن شاء الله عند عرضنا لمنطق «المخالفين للمعجزات».
* * *
ه) فرق المعجزة عن النبوغ
لقد اتّضح عدم وجود أي شبه بين المعجزة وعمل النوابغ ، إذ إنّ المعجزة هي العمل الخارج أساساً عن قدرة الإنسان ، في حين من الممكن أن يظهر أمام كلّ نابغة شخص مثله