ج) المعجزة لا تعني تحطيم قانون العلّية
قد يتوهّم البعض أنّنا وبقبولنا للمعجزات يجب أن نضرب أصل العلّية عرض الحائط ، وان نسلّم بإمكان صدور المعلول بلا علّة ، إلّاأنّ هذا المعنى غير مقبول لدى أي عالم ومفكّر.
ومن الواضح أنّ أصل العلّية لا ينحصر في الأصول البديهية للعلوم البشرية ، بل يمتدّ ليعدّ في الفلسفة أيضاً من المسائل البديهية ، وذلك لعدم إمكان وجود أيّة حادثة بلا علّية ، والقائلون بالمعجزة لا ينكرون هذا الأصل البديهي والمسلّم به.
وبناءً على هذا فللمعجزات علل وأسباب حتماً خلافاً لهذا التوهّم ، ويحتمل أن تكون هذه العلّة أمراً ميتافيزيقيّاً أي ما وراء عالم الطبيعة (وذلك لعدم انحصار الوجود بعالم المادّة والطبيعة فقط) ، بل يمكن أن تكون علّة طبيعية إلّاأنّها غير مكتشفة ، أي تلك العلّة التي يستحيل لأفراد البشر إدراكها دون الإتّكاء على علم وقدرة الخالق ، وبهذا فكلّما وصل إنسان ما لهذا العامل الطبيعي والمجهول في نفس الوقت ، لاستنتجنا اتّكاءه على قدرة إلهية.
ومعجزات الأنبياء عليهمالسلام يمكن أن تكون من النوع الأوّل أو الثاني ، وذلك لتساويهما في إثبات ارتباطهم بالله.
وقد اعتمد القرآن في موارد كثيرة على قانون العلّية وتقبّله كأصل مسلّم به ، سواء فيما يتعلّق بعالم الطبيعة والخلقة أو بحياة الإنسان الاجتماعية أو حتّى بالحياة الشخصية لكلّ فرد ، وهناك ما لا يعدّ ولا يحصى من الآيات الشريفة حول هذا الموضوع ، وطبقاً لهذا فلا يمكن القول بأنّ المعجزات معاليل بلا علّة.
* * *
د) المعجزة لا تزلزل أُسس التوحيد ومعرفة الله
قد يتوهّم البعض ويقول : لقد عرفنا الله من خلال نظام عالم الخلقة الثابت ، فلو أمكن زلزلة هذا النظام عن طريق المعجزات ، لتزلزل أساس التوحيد ومعرفة الله ، إنّكم تريدون