نوع من النبوغ ، ولذا يحتمل العثور على طفل آخر مثله أيضاً ، أمّا الطفل الرضيع فمن غير الممكن (عادةً) أن ينطق بفصاحة ليقول كما نقرأ بالنسبة للمسيح : (قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللهِ آتَانِىَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً). (مريم / ٣٠)
أو أنّ من الممكن لعالمٍ إختصار فترة نضوج فاكهة ما من سبع سنين مثلاً إلى عدّة أشهر ، وذلك باكتشاف علمي جديد وأدوية خاصّة ، فمن الواضح أنّ هذا العالم قد جاء باكتشاف عظيم ، لكن من المحتمل أن يأتي مكتشف ونابغة آخر بعمل مشابه له أيضاً ، امّا لو تحوّلت شجرة يابسة إلى مثمرة في لحظة واحدة (وكانت ترافقها دعوى النبوّة والتحدّي) فهي معجزة إلهية.
* * *
ب) المعجزة لا تعني عمل المستحيل عقلاً
(سواء كان محالاً ذاتياً كاجتماع النقيضين والضدّين في مكان واحد وزمان واحد ، أو محالاً بالغير كالأمر الذي ينتهي وجوده في خاتمة المطاف إلى محال عقلي) لأنّه غير ممكن بحكم العقل ، أو بعبارة أخرى هو خارج عن دائرة القدرة ، أي أنّ استعمال كلمة «القدرة» في حقّها لا معنى له أصلاً ، مثل أن يريد أحد الأنبياء أن يكون الشيء موجوداً وغير موجود في آن واحد ، أو أن يضع صخرة عظيمة داخل بيضة دون أن تصغر الصخرةٌ أو تكبر البيضة ، مثل هذه القضايا إنّما تزرع التضادّ في داخلها بنفسها ، أي أنّها في حقيقتها قضيّة خاطئة ، ومفهومها في الحقيقة هو أن يريد الإنسان شيئاً ولا يريده (تأمّل جيّداً).
وبناءً على هذا فالمحالات العقليّة لا محلّ لها لا في بحث الإعجاز ، ولا حتّى في أي بحث آخر ، بل الذي يمكن عرضه هو المحال العادي فحسب ، وبهذا فالمعجزة محال عادي لا غير.
أي أنّ مثل هذا الشيء لا يمكن تحقّقه طبقاً للتسلسل الطبيعي لقانون العلّة والمعلول ، واستناداً إلى الأسباب والشروط العادية والطاقة البشرية ، لكن لا مانع من تحقّقه أبداً بالقدرة الإلهيّة كالأمثلة المذكورة آنفاً.