طرق اخرى ، وبناءً على هذا فكلّما جاءوا بالمعجزة بما فيه الكفاية لم يبق هناك دافع يدفعهم لإظهار المزيد من المعجزات ، إذ إنّ مهمّة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله لم تكن خرق العادة فقط ، ليجلس في زاوية ويقترح عليه كلّ شخص معجزة طبقاً لهواه ، ثمّ ليقترح اخرى بعد مشاهدتها لو طاب له ذلك ويعبث بقوانين الخلقة ، وبعد كلّ هذا أيضاً فإمّا أن يذعن لدعوة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله أو يرفضها لو لم يرغب فيها.
وبعبارة اخرى ، فالنبي مكلّف بإبداء المعجزات لطالبي الحقّ ، بما يكفي لإقامة الحجّة وليس مسؤولاً أبداً للإستجابة للمعجزات الإقتراحية التي يثيرها المتذرّعون طبقاً لأهوائهم ، لا لتحقيق الحقّ ، بل للحصول على منفذ يخلصهم من الحقيقة.
الإقتراحات التي ذكرت في أوّل آية دليل واضح على هذا الموضوع ، فهم من جهة قد طلبوا سبع معجزات! مع أنّ واحدة تكفي للباحث عن الحقيقة.
وطلبوا من جهة اخرى معجزات يكمن فيها فناؤهم ، إذ قالوا مثلاً : «أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً» ، ومن الواضح أنّ طالب الحقيقة لا يطلب تلك المعجزة التي فيها فناؤه أبداً ، إذ الهدف من المعجزة هو الإيمان لا الموت والفناء.
ومن جهة ثالثة فقد طلبوا المحال ، كاقتراحهم مثلاً نزول الله والملائكة عليهم : «أَوْ تَأْتِىَ بِاللهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلاً» ، وعدم وجود الله في مكان معيّن ليتركه ويأتي إلى هؤلاء المتعلّلين هو ممّا لا يخفى.
ومن جهة رابعة نراهم يصرّحون بعد طلبهم للمعجزة المقترحة بأنّهم لا يؤمنون به ، حتّى تؤدّي العمل الفلاني الآخر أيضاً : (أَوْ تَرْقَى فِى السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً (من الله) نَقْرَؤُهُ).
ومع الأخذ بنظر الإعتبار لما تقدّم نفهم بوضوح أنّ هدفهم لم يكن سوى المعجزات الإقتراحية ، وليس هناك أي نبي يستجيب لمثل هذه الطلبات.
اللطيف هو ما نقرأُهُ في الكثير من الحوادث التأريخية المرتبطة بعصر ظهور الأنبياء ، خصوصاً نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله أنّ الكفّاروبعد مشاهدتهم للمعجزات نراهم يتوسّلون بذريعة