معناه الأصلي إلقاء علم ما بشكل خفي أو علني على شخص آخر.
ذكر «ابن منظور» أهمّ معاني هذه اللفظة واعتبرها الرسالة والإلهام والكلام من غير معاينة ، والإلقاء في الروع ، كما ذكر معظم أرباب اللغة هذه المعاني بزيادة أو نقيصة ، ولكنّ الخليل بن أحمد ذكر معناه في كتاب (العين) بأنّه الكتابة والتدوين!
أمّا في اصطلاح أهل الشرع فيطلق على إبلاغ الرسائل الإلهيّة من قبل الله إلى الأنبياء عليهمالسلام ، وإن كانت دائرة استعماله في القرآن أوسع من هذا المعنى كثيراً ، وشاملة لكلّ أنواع الإلقاء للعلم المرموز ، ولذا استعمل في مورد الغرائز أو العلوم التي استودعت عند بعض الحيوانات كالنحل مثل : (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ). (النحل / ٦٨)
ويقول فيما يتعلّق بما ألقاه الله على قلب امّ موسى بالنسبة لولدها : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى). (القصص / ٧)
إذ قد تمّ التعبير عن الإلهام الإلهي لها بالوحي مع عدم كونها نبيّاً قطعاً ، كما أنّ يوسف لم يكن في طفولته نبيّاً ومع ذلك يقول القرآن في حقّه : (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ) (اخوتك) بِأَمْرِهِمْ هَذَا (التخطيط لقتلك)».
كذلك استعملت هذه المفردة فيما يتعلّق بوساوس الشياطين الخفية إلى أتباعهم قوله تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ). (الأنعام / ١١٢)
واستعملت الأوامر الإلهيّة الغامضة فيما يتعلق بالجمادات كالأرض قوله تعالى : (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا). (الزلزال / ٥)
جملة «من وراء حجاب» تعني أنّ الله كان يخاطب نبيّه بأمواج صوتية خاصّة خافية على الآخرين أو أنّ نبيّه كان يسمع الخطاب دون مشاهدة مصدره ، بالضبط كالكلام الذي يطرق السمع من وراء الستار.
* * *