٧ ـ الدعوة إلى العدالة الاجتماعية هي أصل آخر من هذه الاصول الأساسية ، وقد وردت بصراحة في الآية السابعة ، يقول تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ).
ولِمَ لمْ يكن كذلك حين يستحيل على المجتمع البشري بلوغ أهدافه النهائية أي التكامل المعنوي مع غياب إقامة القسط والعدالة الاجتماعية؟
الملفت للنظر هو قوله : إنّ الهدف من إرسال الرسل والبيّنات والكتاب والميزان هو قيام الناس بالقسط والعدل مباشرة مع تنفيذه ، لا أن يفرض عليهم ذلك فرضاً ، أجل فضمان هذا الهدف مرهون ببلوغ المجتمع البشري مرحلة إقامة القسط والعدل وتنفيذه بذاته.
وحول المراد من «البيّنات والكتاب والميزان» هناك أبحاث كثيرة للمفسّرين ، أقواها كما يبدو أنّ «للبيّنات» معنىً واسعاً شاملاً لكلّ المعجزات وأنواع الأدلّة العقلية التي تقام لإثبات النبوّة ، و «الكتاب» إشارة إلى مجموع تعاليمهم ، وامّا «الميزان» فيعني معايير قياس الحقّ من الباطل ، أو القوانين والمقرّرات التي يصل بها الحقّ إلى أهله.
وهذه كلّها وسائل لبلوغ العدالة الاجتماعية وإقامة القسط والتي تكون بدورها مقدّمة لتوفير الأرضية المناسبة لتربية الإنسان وتعليمه وتكامله (١).
٨ ـ أهميّة «الإيمان» و «العمل الصالح» كقيم أساسية لإنقاذ البشرية هي أيضاً من الاصول المشتركة لتعاليم الأنبياء ، نقرأ في ثامن آية من البحث :
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
جاء في أحد التفاسير المعروفة : إنّ أهل النجاة هم المسلمون الذين آمنوا بنبي الإسلام صلىاللهعليهوآله ، وثبتوا على إيمانهم وعملوا صالحاً وكذا الذين عاشوا قبل ظهور نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله وآمنوا بالأديان السماوية وعملوا صالحاً.
طبقاً لهذا التفسير ف «الإيمان» و «العمل الصالح» كانا كأصلين عامّين في برامج كلّ الأديان الإلهيّة لغرض نجاة الإنسان.
__________________
(١) لمزيد من الإطّلاع حول هذا الموضوع راجع التفسير الأمثل ذيل الآية مورد البحث.