للناس ، كانت الإمامة أي القيادة الشاملة لكل الابعاد الجسمانية والروحانية ، الظاهرية والباطنية للناس ضمن مسؤوليتهم ، وكان دورهم في هذه المرحلة هو (الهداية بأمر الله) أي الإيصال إلى المطلوب وبلوغ المراد ، وضمن هذه المرحلة أوحى الله إليهم فعل الخيرات والعبادات.
ومع أنّ إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة تعدّان من الخيرات والأفعال الحسنة ، فقد تمّ التأكيد عليهما بالخصوص نظراً لأهميّتهما.
حول المراد من «الوحي» هنا في جملة (أَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ) ، فقد اعتبره أكثر المفسّرين بمعنى «الوحي التشريعي» ، أي إنَّ أنواع الأعمال الحسنة وضعناها ضمن برامجهم الدينية (١) ، لكن البعض الآخر فسّره بمعنى «الوحي التكويني» أي انّنا منحناهم التوفيق لأداء هذه الأعمال بلهفة وأيّدناهم بروح القدس ليؤدّوها على أتمّ وجه.
* * *
١٢ ـ حكومة الصالحين : وبشكل عامّ فقد كانت حكومة «العدل الإلهي» مندرجة أيضاً ضمن برامج الأنبياء ، سواء وفّقوا في إقامتها أم أعاقتهم ظروفهم وأوضاعهم الخاصّة عن ذلك.
في الآية الثانية عشرة من البحث إشارة لطيفة إلى هذا المعنى ، يقول تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِى الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ (التوراة) انَّ الارْضَ يَرِثُها عِبادِىَ الصّالِحُونَ).
المرحوم الطبرسي في مجمع البيان ذكر ثلاثة أقوال في تفسير «الزبور» و «الذكر» :
١ ـ «الزبور» يعني كلّ كتب الأنبياء و «الذكر» يعني اللوح المحفوظ ، أي أنّ هذا الحكم جاء أوّلاً في اللوح المحفوظ ثمّ في كلّ كتب الأنبياء.
٢ ـ «الزبور» يعني الكتب النازلة بعد التوراة و «الذكر» إشارة إلى التوراة.
__________________
(١) طبقاً لهذا التفسير فللآية محذوف تقديره : وأوحينا إليهم الأمر بفعل الخيرات.