وأن يجسّد المسائل العلمية المعقّدة أمام الأنظار.
لكن نظراً لسعة الأبحاث المتعلّقة بتاريخ الأنبياء في القرآن المجيد ، بحيث تتطلب تخصيص العديد من المجلّدات لذلك ، فسنتجنّب الخوض فيها فعلاً ، وسنعرض إلى «تاريخ الأنبياء في القرآن المجيد بشكل موضوعي» عند إتاحة الفرصة إن شاء الله ، وهو بحث مفيد وجذّاب.
* * *
كما قيل في الأبحاث المتقدّمة ، فاصول الأديان السماوية إنّما وجدت واحدة ، والتفاوت إنّما يكمن في الفروع والجزئيات فقط.
نفس هذا الأمر يثير الاستفسارات التالية : لماذا ظهر الأنبياء اولوالعزم واحداً بعد الآخر بين المجتمعات البشرية بكتب وأديان جديدة؟ وما الحاجة إلى الأديان الجديدة مع وجود الأديان السابقة ، حينما تكون الاصول واحدة؟! ولماذا يعلن أخيراً عن الخاتمية بحيث إنّ البشرية لا تحتاج بعد ذلك إلى نبي جديد أو دين جديد؟!
الإجابة عن هذا الاستفسارات تتّضح من خلال التمعّن في مضمون الأديان الإلهيّة ، صحيح أنّهم جميعاً قد جعلوا من التوحيد أساساً للدين ، لكن من البديهي أنّ إدراك الأقوام البدائية لهذه المسألة لم يكن كإدراك الذين واجهوا المسألة بعدهم بآلاف السنين.
أو بعبارة اخرى فالجزئيات المتعلّقة بالتوحيد في الذات والأفعال وفي العبادة والخالقية والحاكمية ليست بذلك الشيء الذي يتناسب والمستوى الفكري للأقوام الاولى ، إذ كانوا يقتنعون بمفاهيم بسيطة وإجمالية عن مسألة التوحيد ، ولم يخوضوا أبداً في هذه الجزئيات المعقّدة.
وهذا الشيء نفسه يمكن أن يقال بالنسبة للمسائل الاخرى المتعلّقة بـ «المعاد» و «منزلة الأنبياء» وأوصافهم ، وكذلك الجزئيات المتعلّقة بـ «العبادات» ، إذ كلّما زادت معرفة أهل الأرض بهذه المسائل ، ونَمَتْ القابليات جيلاً بعد جيل تمّ تعليمهم المزيد من الجزئيات.
فضلاً عن أنّ التطوّر الحضاري كان قد عقّد الحياة البشرية يوماً بعد آخر ، وهذا التعقيد