وغيض من فيض بالنسبة إلى مجهولاتنا ، وهذه الحقيقة يعترف بها جميع العلماء والمفكّرين سواءً من الإلهيين أو المادّيين.
فمن يقول إنّ رسالات الأنبياء عليهمالسلام إمّا أن تكون موافقة لعقولنا أو مخالفة ، فإنّه يفهم من كلامه أنّ العقل يدرك كلّ شيء! لكنّ الأمر ليس كذلك ، بل هناك شقّ ثالث أوسع من صاحبيه ، وهو تلك الامور التي ليس لنا علم بها أصلاً ولا يمكننا نفيها ولا إثباتها ، لكن حينما تثبت إجمالاً عن طريق الأدلّة التي سنشير إليها فيما بعد بأنّ الأنبياء عليهمالسلام يتكلّمون نيابة عن الله تعالى ويخبرون من علمه اللامحدود فإنّه سوف لن يبقى هناك مجال سوى قبولها والإذعان بصحّتها.
فإشكال البراهمة الأوّل يشبه قولنا بعدم لزوم التوجّه إلى الاستاذ والاستفادة من علمه وتجربته ، لأنّ ما يقوله الاستاذ إمّا أن يكون موافقاً لعقل التلميذ أو لا ، ففي الحالة الاولى لا حاجة للذهاب وفي الحالة الثانية لا يجب التسليم وقبول قول الاستاذ.
وبديهي أنّ هذا الكلام صبياني لا يخفى جوابه على أي مفكّر ، فالاستاذ إنّما يعلّم التلميذ أشياء يعجز عقله عن نفيها أو إثباتها بالإضافة إلى ذلك فقد يلتبّس الأمر علينا فنقع في الشكّ والإضطراب أحياناً في مسائل عرفناها بصورة صحيحة فلا ندري هل فهمناها بصورة صحيحة أم لا؟
وبدون شكّ فانّنا سنطمئن ونتيقّن إذا ما أيّدها الأنبياء وصدّقوها ، لذا فنحن محتاجون إلى الأنبياء في كلّ الامور سواء علمناها أم لم نعلمها ، (فتأمّل).
* * *
ب) صحيح أنّنا نعرف الله تعالى بالأدلّة العقليّة ، وأنّ حكم العقل هو الذي يفرض علينا شكر نعمه ، لكنّ هذا لا يكفي ، فطريق السعادة والكمال الإنساني مليء بالعقبات والمخاطر ، ولابدّ من وجود أشخاص مجهّزين بالقدرة الإلهيّة والإمدادات الغيبية ليأخذوا بأيدينا عند اجتيازنا لهذه المخاطر.