نحن لا نقتدي بإنسان مثلنا أبداً ، بل بإنسان له اطّلاع واسع جدّاً ، وعلمه متصل بعلم الله اللامحدود عن طريق الوحي ، واتّباع شخص كهذا منطقي جدّاً.
* * *
ج) ممّا تقدّم يتّضح الجواب على الإشكال الثالث أيضاً ، إذ إنّ إطاعتنا لأوامر الأنبياء عليهمالسلام والوقوف رهن إشارتهم لتقواهم التي لا مثيل لها والتي لمسناها فيهم.
نحن نضع أحياناً قلوبنا وعقولنا التي تعدّ أهمّ وأعزّ أعضائنا تحت تصرّف الجرّاح الذي نثق به ، فينهال عليها بمبضعه ، وحينما نوافق على تخديرنا من قبله ليفعل ما يريد ، فهل يُعدّ هذا العمل حماقة؟
بديهي إنّه ليس كذلك ، فعلم ومعرفة الطبيب الجرّاح من جهة ، وحسن ظنّنا بعمله من جهة اخرى ، يبعثان على التسليم له بلا قيد أو شرط ، ولا يخفى أنّ الأنبياء عليهمالسلام الإلهيين يفوقون الطبيب علماً وتقوى بكثير.
* * *
د) أي أمر غير منطقي يوجد في تعليمات الأنبياء عليهمالسلام؟ فهل مراسم الحجّ والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمرات والإحرام هي خلاف العقل؟
إنّ تأمّلاً بسيطاً في فلسفة هذه الأعمال يكشف عن مدى حكمتها ، وكيف أنّها تربّي الإنسان تربية صالحة.
فنحن نخرج عند الإحرام من حجاب عالم المادّة ، ونترك كلّ الفوارق القوميّة والعرقية والطبقية جانباً ونقف كلّنا سواسية ونترك كلّ ما يشغل القلب جانباً ولو مؤقتاً ، ونتفرّغ لـ «معرفة وجودنا وخالقنا» في عالم معنوي خالص.
والجمرات الثلاث تمثّل الشيطان ، إذ نرميه بالحصى سبع مرّات متعاقبة ، وبهذا نعلن عن رفضنا واستيائنا من الاعمال والأفكار الشيطانية.