الإلهيّة المطلقة على الأموال والأنفس وكلّ شؤون الحياة الإنسانية ، أو الحكومة الظاهرية والباطنية على الأرواح والأنفس عن طريق التربية الظاهرية والباطنية لإيصال الناس إلى الكمال المطلوب بإذنه تعالى ، وعدم الإقتصار على رسم الطريق فحسب ، والذي يعدّ من مهام كلّ الأنبياء.
على أيّة حال فإنّه مقام يفوق النبوّة ، ولم ينله إلّاالبعض من الأنبياء فقط.
وامّا فيما يتعلّق بالموضوع الثالث وهو طلب إبراهيم هذا المقام لبعض أولاده ، وسماعه الجواب في الحال من أنّ هذا المقام هو نوع من التعهّد الإلهي لا يناله الظالمون ، فالكلام فيه يدور حول المراد من «الظالم» معنىً ومفهوماً.
يجب معرفة ما المراد بالظالم؟ هل هو فقط ذلك الشخص الموصوف بهذه الصفة فعلاً؟ مع أنّه يستبعد جدّاً بل يستحيل أن يطلب إبراهيم عليهالسلام مثل هذا الطلب للظلمة من ذرّيته خصوصاً بعد اجتيازه لكلّ تلك الإختبارات الصعبة وشموله بمثل تلك العناية ، هذا الشيء غير معقول أبداً سواء كان هذا الظلم بمعني الكفر كما يصرّح بذلك القرآن الكريم : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). (لقمان / ١٣)
أو بمعناه الواسع الشامل لكل أنواع الفسق والفجور والمعصية.
وبناءً على هذا فالمراد بـ «الظالم» هنا هو ذلك الشخص الموصوف بتلك الصفة ولو للحظة واحدة طول عمره مهما انقضى على تلك اللحظة من مدّة ، فان مثل هذا المصداق بحاجة إلى بيان.
وفي الحقيقة إنّ الله تعالى أراد ببيانه هذا إيقاف إبراهيم على هذه الحقيقة ، وهي أنّ مقام الإمامة رفيع بدرجة لا يناله إلّااولئك الذين يليقون لهذه (النعمة) العظيمة المنزّهون عن كلّ أنواع الظلم والشرك والكفر والمعصية ، وبعبارة اخرى ، المعصومون.
ولذا يقول الفخر الرازي حين يصل إلى تفسير الآية المذكورة : «هذه الآية تدلّ على عصمة الأنبياء من وجهين :
الأوّل : إنّه قد ثبت أنّ المراد من هذه العصمة : الإمامة ، ولا شكّ أنّ كلّ نبي إمام ، فانّ الإمام هو الذي يؤتمّ به ، والنبي أولى الناس بذلك ، وإذا دلّت الآية على أنّ الإمام لا يكون فاسقاً ،