تدلّ على أنّ الأنبياء عليهمالسلام معصومون من الخطأ في الفتاوى والأحكام ، لأنّه تعالى أوجب الإنقياد لحكمهم وبالغ في ذلك الوجوب ، وبيّن أنّه لابدّ من حصول ذلك الإنقياد في الظاهر وفي القلب ، وذلك ينفي صدور الخطأ عنهم (١).
صحيح أنّ الآية قد نزلت في تحكيم نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله ، لكنّها توجب إطاعته في كلّ شيء طبقاً للقرائن التي تحفّ بها ، ولذا نقرأ في الحديث عن الإمام الصادق عليهالسلام : «لو أنّ قوماً عبدوا الله ، فأقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وصاموا شهر رمضان ، وحجّوا البيت ، ثمّ قالوا لشيء صنعه رسول الله ألا صنع خلاف ما صنع أو وجدوا من ذلك حرجاً في أنفسهم لكانوا مشركين! ثمّ تلا هذه الآية ...» (٢).
واضح أنّ هذه الآية لا تختصّ بزمن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله فقط ، بل هي قائمة إلى يوم القيامة ، وقد أشار البعض من المفسّرين إلى ذلك أيضاً (٣).
وبناءً على هذا فكلّ من خالف سنّة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله القطعيّة وأحكامه ، أو وجد من ذلك حرجاً في نفسه أصبح مصداقاً لهذه الآية.
وبالجملة فالآيات الثلاث السابقة هي بصدد بيان حقيقة واحدة بعبارات شتّى ، ألا وهي ضرورة التسليم المطلق أمام أوامر النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله وأحكامه ، ولا يتمّ هذا إلّابالقول بضرورة عصمته.
والغريب هو أنّ بعضاً من مفسّري أهل السنّة قد استدلّ بما جاء في صحيح مسلم أنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله مرّ بقوم يلقّحون (النخل) فقال : «لو لم تفعلوا لصلح ، قال : فخرج شيصاً (لم يثمر) ، فمرّ بهم فقال : ما لنخلكم؟ قالوا : قلت كذا وكذا. قال : أنتم أعلم بأمر دنياكم» (٤).
ومن هنا فقد قسّم البعض منهم أحاديث النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله إلى قسمين : ما يقوله عن الله
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ١٠ ، ص ١٦٥.
(٢) تفسير مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٦٩.
(٣) تفسير روح المعاني ، ج ٥ ، ص ٦٥.
(٤) جاء في صحيح مسلم في هذا الموضوع ثلاثة أحاديث متّفقة مضموناً وبعبارات شتّى ، (صحيح مسلم ، ج ٤ ، الباب ٣٨ ص ١٨٣٥ ، ح ١٣٩ و ١٤١ باب وجوب امتثال ما قاله شرعاً دون ما ذكره صلىاللهعليهوآله من معايش الدنيا على سبيل الرأي).