الرازي في روح الجنان ، القرطبي في تفسيره ، والفخر الرازي في التفسير الكبير ، بالإضافة إلى العديد من المفسّرين المعروفين أيضاً)؟
وطبقاً لهذه الآية يجب التسليم المطلق في مقابل أوامر النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ونواهيه ، ولا يمكن تصوّر التسليم والطاعة بلا قيد أو شرط لشخص غير المعصوم ، إذ مع ارتكاب الخطأ أو المعصية والذنب يجب على المؤمنين تنبيهه على ذلك أو نهيه عنه فضلاً عن حرمة التسليم له.
كما ورد نظير هذا المعنى أيضاً بصيغة اخرى في الآية الثالثة من آيات بحثنا حيث تقول كحكم مطلق : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً).
الملفت للنظر هو ما قاله الفخر الرازي في تفسيره : «إنّ هذه الآية هي من أقوى الأدلّة على عصمة نبي الإسلام في كلّ أوامره ونواهيه ، وبأنّ كلّ ما يقوله هو عن الله تعالى ، لأنّه لو أخطأ في شيء فلن تكون إطاعته إطاعة الله تعالى ، كما يجب أن يكون معصوماً في أفعاله أيضاً ، لأنّ الله تعالى قد أمر باتّباعه» (بشكل مطلق) (١).
* * *
وكذلك فقد جاء نظير هذا المعنى أيضاً بقالب آخر في الآية الرابعة من آيات بحثنا حيث تقول : (فَلَا وَرَبِّكَ لَايُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيَما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَايَجِدُوا فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
من الواضح أن هناك مجالاً للاعتراض أو عدم قبول حكم القاضي إذا قطعنا بخطئه ، فلا يجب الانصياع لحكمه ، في حين أننا يجب أن لا نشك طرفة عين في صوابية أحكام الرسول الاكرم ويجب أن نُسلم تسليماً مطلقاً ونرضى من الأعماق بما يقضي ويحكم به الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله من دون أن يساورنا الشك أو يدخل في نفوسنا الحرج ، وما أكّدت عليه الآية أعلاه دليل واضح على معصوميته ، ولذا يصرّح الفخر الرازي في ذيل هذه الآية بأنّها
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ١٠ ، ص ١٩٣.