عصمة الأنبياء والأئمّة من جميع الجهات.
الآية الخامسة تخاطب المسلمين وتقول لهم : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً).
«الاسوة» : لها معنيان : فهي تارة تعني الإصلاح والعلاج ومن هنا قيل للطبيبـ «آسي» ، وتارة تعني «الغمّ والحزن».
يعتقد البعض أنّ هذه المفردة لو كانت «معتلاً واوياً» لكانت بالمعنى الأوّل ، ولو كانت «معتلاً يائياً» ، لكانت بالمعنى الثاني.
كما احتمل أيضاً عودة كلا المعنيين إلى معنى واحد باعتبار أنّ الغمّ والحزن والأسى إنّما يكون على ما فيه الصلاح والعلاج.
على أيّة حال فظاهر معنى الآية الخامسة هو الإقتداء والإقتفاء (باعتبار أنّ الإقتداء بالعظماء يعدّ من أفضل طرق الصلاح).
الملفت للنظر أنّ «الاسوة» كـ «القدوة» لها معنىً مصدري وهو الإقتداء والمتابعة وليس معنىً وصفيّاً كما هو متداول اليوم ، وبعبارة اخرى فالقرآن الكريم لا يقول : النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قدوة لكم ، بل يقول : في وجوده قدوة حسنة (تأمّل جيّداً).
التعبير بـ «لقد» للتأكيد ، وذكر «كان» إشارة إلى حقيقة كون النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قدوة للمسلمين على مرّ الزمن.
مع أنّ المخاطب في هذه الآية (لكم) يشمل كلّ المؤمنين ، لكن جملة : (لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) تفيد أنّ الأشخاص الذين يتّصفون بهذه الأوصاف ، وهي رجاء رحمة الله واليوم الآخر والذكر الكثير لله تعالى ، هم فقط اولئك الذين يتسنّى لهم الاستفادة من هذه القدوة الحسنة.
وبالرغم من أنّ هذه الآية ناظرة إلى استقامة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله وشجاعته الخارقة في معركة الأحزاب : ولكن هذا لا يحدّد مفهوم الآية نظراً لإطلاقه وخلوّه من كلّ قيد أو شرط.
* * *