الإجابة عن سؤال :
وهنا يتبادر في الذهن هذا السؤال وهو : هل يمكن الإقتداء المطلق بلا قيد أو شرط بمن لا يتمتّع بمقام العصمة؟! والجواب واضح وهو يمثل دليلاً وشاهداً على مسألة العصمة ، إذن فالأمر بالإقتداء هذا خير دليل على حقيقة معصوميته ، وإلّا لما جاز أن يكون قدوة في كلّ شيء ، ولكلّ شخص في أيّ زمان ومكان.
ومن هنا فالآية الآنفة الذكر متّفقة مع الآيات التي تأمر المؤمنين بإطاعة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بلا قيد أو شرط (الآيات السابقة).
ربّما قيل : إنّ التعبير بـ «الاسوة» قد جاء في القرآن في موضعين آخرين (الممتحنة / ٤ و ٦) وأنّه شامل للمؤمنين الذين كانوا مع نبي عظيم كإبراهيم عليهالسلام ، بالإضافة إليه ، بالرغم من عدم عصمتهم ، يقول تعالى : (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ). (الممتحنة / ٤)
لكنّ التدقيق في الآية المذكورة يكشف انحصار الإقتداء والتأسّي هنا في بُعد واحد فقط ، ألا وهو مسألة البراءة من المشركين ، إذ إنّ هناك طائفة من المسلمين في عصر النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله حديثو عهد لم يستسيغوا التخلي عن أقربائهم ومعارفهم من المشركين بسهولة ، وهنا يقول القرآن : اقتدوا بإبراهيم وأصحابه فعندما أصبحوا موحدين أعلنوا عن استيائهم من المشركين والبراءة منهم.
كما أنّ الآية السادسة من هذه السورة تؤكّد على هذا الموضوع أيضاً ، وبناءً على هذا فالخطاب لم يقصد منه مطلق الإقتداء والتأسّي بأصحاب إبراهيم عليهالسلام (تأمّل جيّداً).
* * *
والمخاطب في الآية السادسة هم أهل بيت النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله إذ يقول تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
جاء في مقاييس اللغة أنّ أصلـ «الرجس» هو «الإختلاط» ، ثمّ أطلق على الأشياء النجسة لاختلاطها بشيء آخر.