لكن «الراغب» فسّر أصل الرجس في «مفرداته» بمعنى «الشيء القذر» وقال : إنّه يكون على أربعة أوجه : إمّا من حيث الطبع ، وإمّا من جهة العقل ، وإمّا من جهة الشرع ، وإمّا من كلّ ذلك.
وقد ذكر البعض مصاديق أو معانيَ عديدة لـ «لرجس» كالذنب والشرك والحسد والبخل ، والقذارة ، النجس المختلط ، الصديد والجراحة ، الصياح الخارج عن الحدّ المتعارف ، الشكّ ، الكفر ، اللعن ، الرائحة الكريهة وأمثالها.
يبدو أنّ «الرجس» في هذه الآية ونظراً لإطلاقها ، له معنى واسع شامل ، لكلّ أنواع الذنب والشرك والبخل والحسد والفسوق الظاهري والباطني والأخلاق والعادات السيّئة التي تشمئز منها النفوس ، والحقيقة أنّ أهل بيت النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله وبإرادة من الله تعالى كانوا مطهّرين من كلّ هذه الامور ، ولا شكّ أنّ هذه الآية تثبت مسألة العصمة في شخص النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله وأهل بيته (أمّا فيما يتعلّق بالمراد من أهل البيت ومن هم؟ فسيأتي الكلام عن ذلك إن شاء الله تعالى) ، إنّ إرادته تعالى لابدّ وأن تتحقّق ، وإرادته في إذهاب الرجس عن هذه الاسرة لا يعني سوى «ضمان عصمتهم» مفهوماً ، لبداهة كون الشرك والذنب من أجلى مصاديق الرجس والقذارة ، ولا شكّ أنّ نفي الرجس بشكل مطلق يشمل الذنوب أيضاً.
هل أنّ هذه الإرادة تشريعية أم تكوينية؟ وبعبارة اخرى ، هل أنّ الله تعالى أمر أهل البيت بعدم ارتكاب الذنوب والقبائح ، أم أنّه تعالى أودع الطهارة في نفوسهم؟
بديهي أنّ المراد ليس المعنى الأوّل ، نظراً لعدم انحصار الإرادة التشريعية (التكليف بأداء الواجبات وترك المحرّمات) باسرة النبي فقط ، بل شمولها لكلّ الناس بلا استثناء في اجتناب الذنوب ، في حين أنّ كلمة «إنّما» تدلّ على اختصاص وانحصار هذه الموهبة في أهل بيت النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله (تأمّل جيّداً).
وبناءً على هذا فـ «الإرادة» هنا تنحصر بالإرادة التكوينية ، لكن ليس بذلك المعنى الذي يستلزم القول بالجبر وأنّ أهل بيت النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله مجبرون على العصمة ، لأنّ الأنبياء