اطّلاعه على أسماء الله تعالى وصفاته وكونه تعالى عالماً قادراً سميعاً بصيراً.
أو بعبارة اخرى : المراد بالبرهان هو الإمدادات الإلهيّة ، والتأييدات الربّانية التي تسرع لنجدة المؤمنين والمتّقين في اللحظات الحرجة والمصيرية ، إذ تمدّهم بالقوّة أمام جنود الشيطان ووساوس النفس.
الدليل على هذا الكلام هو ما جاء في آخر الآية حيث يقول تعالى : (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الُمخْلَصِينَ).
يتّضح من هذا الكلام أنّ عباد الله المخلصين مشمولون بالألطاف والعنايات الإلهيّة الخاصّة ، في مثل هذه اللحظات الحسّاسة ، والتي هي في الواقع ثمن إيمانهم الخالص وأعمالهم الطاهرة.
وهنا نقل بعض الغافلين خرافات تحت عنوان «الروايات» لا تكاد تخرج عن حدّ الإسرائيليات ، وذهبوا بيوسف ظلماً إلى حافّة الهاوية والإقدام على ذلك العمل الفاحش إلى أنّ منعه جبرئيل من هذا العمل بضربه على صدره! أو رؤيته لشبح أبيه يعقوب وهو يعضّ على يديه لهذا العمل!.
وهذا كلام لا علاقة له بالقرآن مطلقاً ، وخرافات لا تستحقّ الإجابة عنها ، وذيل الآية التي تعتبره من عباد الله المخلصين خير دليل على بطلان مثل هذه الإحتمالات القبيحة ، وذلك طبقاً لآيات القرآن التي تصرح بأن لا سبيل للشيطان إلى عباد الله المخلصين.
أما الاشكال الثاني الذي اثير حول يوسف عليهالسلام ومقام عصمته فهو ما ورد في الآية السبعين من سورة يوسف عليهالسلام ، والتي جاء فيها أنّه حينما شدّ رحال اخوته وضع السقاية ، أي الاناء الذي يشرب فيه أو المكيال الذي يكيل فيه في رحل أخيه ، ثمّ أذّن مؤذّن : (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِى رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ). (يوسف / ٧٠)
فهل يجوز أن يقوم الإنسان بعمل ما ، ويتّهم بريئاً وخاصّة إذا كان ذلك البريء أخاه؟ وهل يعقل أنّ المؤذّن قد نسب هذه النسبة (نسبة السرقة) إلى اخوة يوسف بدون علم يوسف ، واطّلاعه؟ ولماذا رضي النبي المعصوم باتّهام الأبرياء بمثل هذه التهمة؟!