قتيلاً ، توجّه إلى الله تعالى وقال : (قَالَ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
يا تُرى «ألم يكن التعبير بأنّي ظلمت نفسي وطلب العفو والمغفرة من الله تعالى ، دليلاً على ارتكاب الذنب»؟
ثمّ إنّه ورد في الآية التي قبلها أنّ موسى وبعد قتله لعدوّه قال : (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ). (القصص / ١٥)
وبعد هذه الحادثة وحينما بلغ موسى مرتبة النبوّة ، وجاء إلى فرعون يدعوه إلى الله ، عاتبه فرعون وقال : (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِى فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ* قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ). (الشعراء / ١٩ ـ ٢٠)
صحيح أنّ موسى لم يكن قد بلغ مرتبة النبوّة في ذلك الوقت ، ولكن نظراً لضرورة تمتّع الأنبياء بدرجة العصمة حتّى قبل النبوّة ، فالتعبير بـ «الضالّين» يبدو غير مناسب هنا بعض الشيء.
* * *
الجواب :
أوّلاً ، وقبل كلّ شيء يجب البحث في ماهية هذا القتل الذي لم يكن بقصد وسبق إصرار ، وهو ممّا يصطلح عليه بقتل الخطأ ، هل كان جائزاً أم لا؟!
لا شكّ أنّ هذا العمل لم يكن معصية ، مع الأخذ بنظر الإعتبار ذلك الموقف المعادي الذي كان يتّخذه قوم فرعون الظالمين من بني إسرائيل ، حتّى أنّهم كانوا يذبحون أبناءهم الرضّع ويأخذون بناتهم للخدمة ، بل كانوا قد أذاقوهم أقسى أنواع الظلم والعذاب ، حتّى أصبحوا مصداقاً للتعبير القرآني : «مفسد في الأرض» ، خصوصاً أنّ موسى كان في مقام نصرة المظلوم والدفاع عنه ، إذن فجواز قتل هذا الفرعوني الظالم هو ممّا لا شكّ فيه على أقلّ تقدير ، فكيف يمكن الخدش في درجة عصمة موسى في مثل هذه الحال.