تبذله من جهد في مساعدته ، وهي ترى ضعفه وحاجته ، فتسهر عليه ، وتتحمل الكثير من المشاق في سبيله.
أما الأب فإن ما يبذله من جهد وتضحيات مباشرة في سبيل الطفل ؛ لا يصل إلى حد ما تبذله أمه فلذا كان من الطبيعي أن العاطفي بالولد عن درجة التعلق العاطفي به لدى أبيه.
وبذلك يتضح ما يشير إليه قوله تعالى : (جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) فإن المودة ـ كما قالوا (١) ـ هي الحب الظاهر أثره في مقام العمل ..
غير أن علينا أن لا ننسى أن هذا الحب قد يفقد بعض توهجه ، بسبب ضعف أو فقد بعض موجباته ، التي تسللت إلى عناصر الإلزام في قرار الزواج ، مما له صفة غرائزية ، أو ذوقية ، نشأت عن ملاحظة حالة جمالية معينة ، فيكون ضعف تلك الموجبات سببا في بعض الخفوت ، وضعف التأثير في الحركة العملية ، والسلوكية ، الأمر الذي يؤكد الحاجة إلى تدخل العنصر الثاني ، وهو الرحمة ، التي هي انفعال نفساني ، قوامه رقي في الإدراك الإنساني ، وشفافية ، وصفاء ، وتألق ، في روح الإنسان ونفسه ..
نعم تأتي هذه الرحمة الإنسانية لتكون هي الضمانة الحقيقية لبقاء هذه العلاقة الرحيمة ، والحميمة ، والصادقة ، محتفظة بقوتها ، وبحيويتها ..
والمثال الثالث الذي نذكره هنا ما رواه الكليني رحمهالله من أن الإمام الرضا [عليهالسلام] رأى مع غلمانه شخصا أسود ، يعمل معهم بالطين ، فسألهم عنه ، فقالوا : إنه يعاونهم ويعطونه شيئا ، فغضب [عليهالسلام] من ذلك.
__________________
(١) عن كنز الفوائد للكراجكي.