ولكنه ما دام هذا القرار قائما ، فإن العبد يكون مستحقا لتلك المثوبة ، تماما كما لو أن أبا وعد ولديه بجائزة للناجح منهما ، فالناجح سيرى نفسه مستحقا للجائزة ، فإذا حرم منها ، فإنه سيرى نفسه مظلوما ، فكيف لو أعطيت الجائزة لأخيه الراسب؟!
ولعل هذا هو السبب في أنه تعالى هنا قد علق إدخالهم في رحمته على مشيئته .. فإن إعطاء المثوبة إنما هو في ظرف بقاء ذلك القرار الإلهي قائما ، فمن اتخذ السبيل إلى ربه ، فليس له أن يمن عليه سبحانه ، بل الله هو المتفضل عليه ، وله عليه المنة ..
كما أن ذلك يشير : إلى استمرار فتح باب الرحمة لمن أراد الدخول فيه ، فلا مجال لليأس من روح الله ، فإن الطاعة وحدها لا تكفي لإدخال المطيع الجنة لو لا الرحمة الإلهية ، والتفضل بجعل ذلك القرار ، كما أن المعصية لا تمنع من الرحمة ، إذا تاب الإنسان وأناب ، فإن القرار يبقى إليه ، قال في دعاء أبي حمزة :
«لا الذي أحسن استغنى عن عفوك ورحمتك ، ولا الذي أساء واجترأ عليك ، ولم يرضك خرج عن قدرتك» ..
وقد يجاب أيضا : بأن المقصود بقوله : «من يشاء» .. هو الناس ، أي أنهم إذا شاؤوا الدخول في الرحمة ، فإن الله لا يحرمهم من ذلك ..
ولكن هذا وإن كان محتملا في نفسه ، ولكنه خلاف الظاهر ، فإن ضمير الفاعل في قوله تعالى : (أَعَدَّ لَهُمْ) يرجع إليه سبحانه ، وهو نفسه ضمير الفاعل الذي استندت إليه كلمة «يشاء» ، ولو كان الضمير يرجع للناس ، لكان الأنسب أن يقول : «أعدّ» بضم الهمزة ، وكسر العين ، على صيغة المبني للمفعول ..