ونحو ذلك ، وحديثا عن أمور لا تدخل في هذا السياق ، بل هي من الكماليات ، إن جاز التعبير.
وقد ذكر النوع الأول بما له من مواصفات تثير الشوق والحنين إليه ، والرغبة به ، فذكر سبحانه طهورية الشراب ، ولباس الحرير في الجنة ، والاتكاء على الأرائك في مواضع السكنى والاستقرار ، والوقاية من البرد والحر ، بالإعلان حتى عن عدم رؤية شمس ولا زمهرير ..
مما يعني أن المطلوب الأساسي ، وهو الطعام والشراب ، والظل ، والدفء ، والسكن ، واللباس ، ـ وهي أمور ضرورية في الحياة ـ قد بيّنت بمواصفات راقية جدا ، ومثيرة للانتباه ، ومحركة للهمم للوصول إليها ونيلها من خلال العمل لها في عالم الدنيا ..
ولا بد أن يحصل للأبرار ـ في نيل هذه الأمور الأساسية ـ لذتان ؛ لذة تلبية الحاجة ، والسكون والطمأنينة ، والشعور بالوجدان لحاجات رئيسية. ولذة الحصول على تلك الميزات والمواصفات الإضافية ، وهي كون السكن هو الجنة ، والملبس هو الحرير ، وما إلى ذلك ..
ومن المعلوم : أن كل مطيع لله يدخل الجنة ، وينال من نعيمها الخالد ، لكن هناك مستويات وحالات لهذا النعيم لا ينالها جميع من في الجنة ، بل ينالها أولئك المقربون ، ويفوزون بالتنعم بها ، رغم أنها لا تدخل في دائرة ما هو ضروري لهم ، بل هي من مظاهر النعمة ، ومن تجليات التكريم الإلهي. فإن حياة الإنسان لا تتقوم بوجود من يخدمه ، ويلبي طلباته ، ويقرب له ما يحتاج إليه .. إذ يمكنه أن يمارس ذلك بنفسه ، وربما يكون لهذه الممارسة لذتها أيضا .. كما أنه يمكنه أن يشرب الماء واللبن ، اللذين لا توصف لذتهما .. دون أن يطاف عليه بأكواب كانت قوارير من فضة قدروها تقديرا.