ولا قائد يرشده ، دعاه الهوى فأجابه وقاده فاتّبعه ، زعمت أنّك إنّما أفسد عليك بيعتي خفوري (١) لعثمان ، ولعمري ما كنت إلاّ رجلا من المهاجرين ، أوردت كما أوردوا ، وأصدرت كما أصدروا ، وما كان الله ليجمعهم على ضلالة ، ولا ليضربهم بالعمى ، وما أمرت ـ أي بقتل عثمان ـ فلزمتني خطيئة الأمر ، ولا قتلت فأخاف على نفسي قصاص القاتل.
وأمّا قولك : إنّ أهل الشّام هم حكّام أهل الحجاز ، فهات رجلا من قريش الشّام يقبل في الشّورى ، أو تحلّ له الخلافة ، فإن سمّيت كذّبك المهاجرون والأنصار ، ونحن نأتيك به من قريش الحجاز.
وأمّا قولك : ادفع إليّ قتلة عثمان ، فما أنت وذاك؟ وهاهنا بنو عثمان ، وهم أولى بذلك منك ، فإن زعمت أنّك أقوى على طلب دم عثمان منهم فارجع إلى البيعة الّتي لزمتك ، وحاكم القوم إليّ.
وأمّا تمييزك بين أهل الشّام والبصرة ، وبينك وبين طلحة والزّبير ، فلعمري فما الأمر هناك إلاّ واحد ، لأنّها بيعة عامّة لا يتأتّى فيها النّظر ، ولا يستأنف فيها الخيار.
وأمّا قرابتي من رسول الله صلىاللهعليهوآله وقدمي في الإسلام فلو استطعت دفعه لدفعته ... » (٢).
وحفل هذا الكتاب بالردّ على أباطيل معاوية وزيف أضاليله التي ذكرها
__________________
(١) الخفر : نقض العهد والغدر.
(٢) الكامل ـ المبرد ١ : ١٥٥. العقد الفريد ٢ : ٢٣٣. شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١ : ٢٠٢. الإمامة والسياسة ١ : ٧٧.