على تمرّده ، وهذا نصّها :
« من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان.
أمّا بعد فإنّ الدّنيا دار تجارة ، وربحها أو خسرها الآخرة ، فالسّعيد من كانت بضاعته فيها الأعمال الصّالحة ، ومن رأى الدّنيا بعينها ، وقدّرها بقدرها ، وإنّي لأعظك مع علمي بسابق العلم فيك ممّا لا مردّ له دون نفاذه ، ولكنّ الله تعالى أخذ على العلماء أن يؤدّوا الأمانة ، وأن ينصحوا الغويّ والرّشيد ، فاتّق الله ، ولا تكن ممّن لا يرجو لله وقارا ؛ ومن حقّت عليه كلمة العذاب ، فإنّ الله بالمرصاد وإنّ دنياك ستدبر عنك ، وستعود حسرة عليك ، فاقلع عمّا أنت عليه من الغيّ والضّلال على كبر سنّك وفناء عمرك ، فإنّ حالك اليوم كحال الثّوب المهيل الّذي لا يصلح من جانب إلاّ فسد من آخر.
وقد أرديت جيلا من النّاس كثيرا ، خدعتهم بغيّك ، وألقيتهم في موج بحرك تغشاهم الظّلمات ، وتتلاطم بهم الشّبهات ، فجاروا عن وجهتهم ، ونكصوا على أعقابهم ، وتولّوا على أدبارهم ، وعوّلوا على أحسابهم ، إلاّ من فاء من أهل البصائر ، فإنّهم فارقوك بعد معرفتك ، وهربوا إلى الله من موازرتك ، إذ حملتهم على الصّعب ، وعدلت بهم عن القصد.
فاتّق الله يا معاوية في نفسك ، وجاذب الشّيطان قيادك ، فإنّ الدّنيا منقطعة عنك ، والآخرة قريبة منك ، والسّلام » (١).
وحكت هذه الرسالة دعوة الإمام عليهالسلام إلى معاوية أن يثيب إلى الحقّ ،
__________________
(١) نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة ٤ : ٢٠٠ ـ ٢٠١.