فانظروا رجلا تنصبونه ونحن لكم تبع ، وقد أجّلناكم يومكم ، فو الله! لئن لم تفرغوا لنقتلنّ عليّا وطلحة والزبير ، وتذهب من اضحية ذلك أمّة من الناس (١) ، وهرع المدنيّون نحو الإمام وقد علاهم الرعب ، وهم يهتفون :
البيعة .. البيعة ..
أما ترى ما نزل بالإسلام ، وما ابتلينا به من أبناء القرى؟ ..
أصرّ الإمام على الرفض قائلا :
« دعوني والتمسوا غيري .. ».
وأعرب لهم الإمام عن الموانع من قبول خلافتهم قائلا :
« فإنّا مستقبلون أمرا له وجوه والوان ؛ لا تقوم له القلوب ، ولا تثبت عليه العقول » (٢).
وحكى حديث الإمام الأحداث الجسام التي سيواجهها إن قبل خلافتهم ، وفعلا فقد تحقّقت ، فلم يمض وقت قليل حتى أعلن الطامعون تمرّدهم على حكومة الإمام وقاموا بعصيان مسلّح لإسقاطها ، كما سنتحدّث عن ذلك.
وعلى أي حال فقد ازدحمت الجماهير على الإمام وهي تهتف باسمه قائلة له : أمير المؤمنين .. أمير المؤمنين ..
وصارحهم الإمام بالمنهج الذي يسير عليه في دور حكومته قائلا :
« إنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب ، وإن تركتموني فأنا كأحدكم ؛ ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم ،
__________________
(١) تاريخ ابن الأثير ٣ : ٨٠.
(٢) نهج البلاغة ـ محمّد عبده ١ : ١٨٢.