ابن الطيّب عمّار بن ياسر فقال له :
ويحك يا سعد! أما تتّقي الله الذي إليه معادك؟ أيدعوك أمير المؤمنين إلى البيعة فتسأله أن يعطيك سيفا له لسان وشفتان؟ والله! إنّ فيك لهنات ، وأنشأ أبياتا مطلعها :
قال سعد : لدى
الإمام وسعد |
|
في الذي قاله
حقيق ظلوم (١) |
وأخيرا ندم سعد على ما فرّط في أمره ، وودّ أن يكون مع الإمام.
أمّا عبد الله بن عمر فقد اترعت نفسه بالحقد على الإمام ، وقد انبرى إليه رافعا عقيرته قائلا : يا عليّ ، اتّق الله ولا تنزونّ (٢) على أمر الأمّة بغير مشورة (٣).
الإمام الذي انتزى على الامّة بغير مشورتها كما يقول عبد الله ، وقد بايعه المسلمون على اختلاف طبقاتهم وميولهم .. وقد ندم على تخلّفه عن بيعة الإمام حيث لم يجد الندم شيئا ، وكان يقول عند موته : إنّي لم أخرج من الدنيا وليس في قلبى حسرة إلاّ تخلّفي عن عليّ .. وقد انتقم الله منه وأراه الذلّ ، فقد عاش إلى زمن عبد الملك ، فجاء الحجّاج ليأخذ البيعة له ، فجاء عبد الله في آخر الناس لئلا يراه أحد ، فعرف الحجّاج ذلك فاحتقره ، وقال له :
لم لم تبايع أبا تراب؟ وجئت تبايع عبد الملك آخر الناس؟ أنت أحقر من أن أمدّ لك يدي ، دونك رجلي فبايع ...
ومدّ إليه رجله وفيها نعله فبايعها (٤).
__________________
(١) حياة الإمام الحسين عليهالسلام ١ : ٣٨٤ ، نقلا عن الفتوح ٢ : ٢٥٨.
(٢) كذا في الأصل ، والصحيح : « لا تنزونّ » أي لا تثبنّ.
(٣) أنساب الأشراف ٢ : ١٤٩.
(٤) حياة الإمام الحسن عليهالسلام ١ : ٣٨٤ ـ ٣٨٥.