لي ولكم!
إن تثبت الوطأة في هذه المزلّة فذاك (١) ، وإن تدحض القدم فإنّا كنّا في أفياء أغصان ، ومهابّ رياح ، وتحت ظلّ غمام ، اضمحلّ في الجوّ متلفّقها (٢) ، وعفا في الأرض مخطّها وإنّما كنت جارا جاوركم بدني أيّاما ، وستعقبون منّي جثّة خلاء (٣) ساكنة بعد حراك ، وصامتة بعد نطق ليعظكم هدوّي ، وخفوت إطراقي ، وسكون أطرافي ، فإنّه أوعظ للمعتبرين من المنطق البليغ والقول المسموع.
وداعي لكم وداع امرئ مرصد للتّلاقي! غدا ترون أيّامي ، ويكشف لكم عن سرائري ، وتعرفونني بعد خلوّ مكاني وقيام غيري مقامي » (٤).
وضع الإمام عليهالسلام في هذه الوصية المناهج السليمة التي تضمن للإنسان المسلم سلامته في دنياه وآخرته وهي التمسّك بالعمودين كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه العظيم.
ووعظ الإمام أهل بيته وسائر المسلمين بنفسه الذي كان مثلهم وعمّا قليل سيفارقهم إلى دار الحقّ ، فما أعظم هذه الموعظة التي تدعو إلى الاستقامة والتوازن في السلوك ، وعدم الغرور.
٣ ـ ومن وصيّة له عليهالسلام إلى ولده السبط الأكبر الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام عند ما حضرت الإمام الوفاة :
« أوّل وصيّتي أنّي أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّدا رسوله وخيرته ، اختاره
__________________
(١) أراد عليهالسلام إنّه إن عوفي من ضربته فذاك.
(٢) فتلفقها : المتلفّق المنضمّ بعضه إلى بعض.
(٣) خلاء : أي خالية من الروح.
(٤) نهج البلاغة ٢ : ٣٣ ـ ٣٤.