عفّان الذي منح الثراء العريض لبني اميّة وآل أبي معيط ، وغيرهم ممّن ساروا في ركابه ، فتكدّست الثروة عند فئة من الناس حتّى ترك بعضهم بعد موته من الذهب ما يكسّر بالفؤوس في حين أنّ المجاعة قد انتشرت عند الكثيرين من الناس.
وقد اتّسم موقف الإمام عليهالسلام بالشدّة والصرامة على هؤلاء الذين نهبوا أموال المسلمين بغير حقّ ، فأصدر أوامره الحاسمة بمصادرة جميع الأموال التي اختلسوها من بيت المال ، وتأميمها للدولة ، وقد قال في الأموال التي عند عثمان :
والله! لو وجدته ـ أي المال ـ قد تزوّج به النّساء ، وملك به الإماء ، لرددته ، فإنّ في العدل سعة. ومن ضاق عليه العدل ، فالجور عليه أضيق! (١).
هكذا كانت سيرة رائد العدالة ، ومعلن حقوق الإنسان ، الصرامة في الحقّ التي لا هوادة ولا مداهنة فيها.
٣
من المؤكّد أنّ من أهمّ الأسباب الوثيقة التي أدّت إلى قيام الأمويّين والقرشيّين بعصيانهم المسلّح ، وإعلانهم التمرّد على حكومة الإمام هو سياسته الاقتصادية الهادفة إلى إعلان المساواة والعدالة بين الناس ، ومعاملة الأمويّين ومن سائرهم معاملة عادية اتّسمت بالكراهية والاستهانة لأنّ إيمانهم لم يكن وثيقا ، وإنّما كان ظاهريا لم ينفذ إلى أعماق قلوبهم ودخائل نفوسهم ، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ نفوس الأمويّين قد اترعت بالبغض والكراهية للإمام لأنّه قد وترهم ، وحصد رءوس أعلامهم ، حينما أعلنوا الحرب بلا هوادة على رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي جاء لتحرير عقولهم ، وإقامة مجتمع فيهم متوازن في سلوكه وأخلاقه ، وهي ، كما ناجزت الرسول صلىاللهعليهوآله في واقعة بدر واحد والأحزاب
__________________
(١) نهج البلاغة ١ : ٤٦.