يتحقق القصد بأحد المعاني الثلاثة ، ولكي يترتب على ذلك تصحيح الصوم ، وجعل المقصود ذا مصلحة ، يمكن أن يكون بأنحاء ، فإمّا أن ينذر مثلا إقامة عشرة أيام ، وإمّا أن يعلن عن تعهده بالبقاء عشرة أيام ، بحيث يكون الإعلان بنفسه ، موجبا لوجود مصلحة في وفائه ووقوفه عند كلامه.
إذن لا بدّ وأن يوجد نكتة قائمة بنفس المقصود ، لكي تحقق بذلك القصد ، بأحد المعاني الثلاثة ، استطراقا إلى تحصيل الغرض ، وهو تحصيل الصوم ، وأمّا إذا بقي ذات المقصود ، بلا نكتة ، فلا يمكن في المقام ، نشوء القصد بأحد المعاني الثلاثة.
المورد الثاني
ومن جملة الفروع المشابهة لما تقدم في المورد الأول ، إن كثيرا ما يريد الإنسان ، أن يتوضأ قبل وقت الظهر ، أو قبل وقت المغرب ، لأجل صلاة الظهر أو المغرب ، ففي المقام كلام مشهوري بعدم صحة الوضوء لصاحبة الوقت ، لأنها لم تتصف بعد بالوجوب ، فلا بدّ من الإتيان بالوضوء بقصد امتثال أمر آخر ، كالأمر بالوضوء ، على نحو الاستحباب ، لأنه مستحب في نفسه ، أو لقراءة القرآن ، أو للزيارة ، وغير ذلك من الأوامر الاستحبابية.
وكلام المشهور هذا ، عليه إيرادان ، إيراد بلحاظ البناء ، وإيراد بلحاظ المبنى.
الإيراد البنائي
إن تلقين المكلّف ، بأن يتوضأ بقصد الأمر الاستحبابي لقراءة القرآن على طهور ، لا يغير من الواقع شيئا ، فإن هذا المكلّف ، بحسب الحقيقة ، ليس له إرادة ، لامتثال الأمر الاستحبابي ، بحيث لو لا صلاة الظهر التي لم يأت وقتها بعد ، لا يفكر في أن يقرأ القرآن ، وليس للأمر الاستحبابي بقراءة القرآن ، أي باعثية ومحركية له ، ومجرد التلفظ بذلك ، لا يحدث محركية للأمر الاستحبابي بقراءة القرآن على طهور ، إذن فهو بحسب طبعه ، ليس له أي غرض بقراءة