الإخبار عن الطلب الذي هو الملزوم ، بلسان الإخبار عن اللازم ، وهو ما يعبّر عنه بالكناية ، من قبيل أن تقول ، زيد كثير الرماد ، فتخبر بذلك عن ملزوم كثرة الرماد ، وهو أن زيدا كريم ، فهنا ، المدلول التصوري ، هو النسبة بين المحمول والموضوع ، أو بين الفعل والفاعل ، محفوظ ، وأمّا المدلول التصديقي ، فهو قصد الحكاية ، لا عن النسبة نفسها ، كما في الوجه الأول ، بل قصد الحكاية ، عن ملزوم تلك النسبة ، وهو الطلب.
إذن في هذا الوجه ، لا بدّ من بذل عناية ، لدلالة الجملة الخبرية على الطلب ، وهذه العناية ليست هي التقييد والتضييق ، كما في الوجه السابق ، بل هي الحمل على الكناية ، فإنّ الكناية في نفسها ، نحو عناية ، لأن مقتضى طبع الكلام ، أن يكون التوجه التصديقي نحو المدلول المطابقي ، فجعل المدلول المطابقي جسرا إلى المدلول الالتزامي وإلى الملازم والملزومات الذي هو مفاد الكناية ، هو خلاف الطبع.
الوجه الثالث :
أن يتحفّظ على المدلول التصوري للجملة الخبرية ، وهو النسبة الصدورية ، فهي مستعملة في هذه النسبة ، ولكن تسلخ هذه الجملة عن مدلولها التصديقي ، وهو قصد الإخبار ، فهنا في هذا الوجه ، لا يفترض قصد الحكاية ، لا عن المدلول المطابقي ، ولا عن المدلول الالتزامي ، ولكن يقال أنّ النسبة الصدورية التي هي المدلول المطابقي التصوري ، كثيرا ما تكون في طول النسبة الإرسالية من قبل المولى ، كما تقول دفعته فاندفع ، وأرسلته فذهب ، إذن بعد قيام قرينة دالة على هذه الطولية ، ينعقد للجملة الخبرية (يعيد) دلالة مطابقية تصورية على النسبة الصدورية ، ودلالة تصورية التزامية على النسبة الإرسالية ، فكلمة «يعيد» تدل على نسبتين تصوريتين ، بالدلالة التصورية ، تدل تصورا بالمطابقة على النسبة الصدورية التي هي المعنى الموضوع له ، وتدل بالدلالة الالتزامية التصورية على النسبة الإرسالية التي كانت صيغة «افعل» تدل عليها بالمطابقة ، فإذا أصبح لكلمة «يعيد» دلالة