بعضها أنها موضوعة للدلالة على الوجوب ، فلا كلام في دلالتها على الوجوب ، وأمّا إذا لم يثبت فيها أنها موضوعة لغة للدلالة على الوجوب ، فيمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام.
القسم الأول : ما يكون دالا على الدفع والإرسال والتحريك إمّا بنحو المعنى الحرفي ، أي النسبة الإرسالية ، كما هو الحال في صيغة «افعل» أو في فعل المضارع الداخل عليه لام الأمر ، وإمّا بنحو المعنى الاسمي ، كما في «أدفعك ، وأطلب منك ، وآمرك» ، فإن هذا يدل على الدفع والإرسال بنحو المعنى الاسمي لا بنحو المعنى الحرفي ، لأن كلمة الدفع والطلب والأمر والتحريك بنفسها إرسال ودفع ، فإذا فرض أنه كان يدل على الإرسال والدفع ، بنحو المعنى الحرفي أو بنحو المعنى الاسمي ، أمكن أن يستفاد منه الوجوب بالإطلاق الذي بينّاه بالبيان الأخير في بحث صيغة الأمر ، حيث قلنا أن مقتضى التطابق بين الإرسال الخارجي ، والإرسال التشريعي ، هو أن يكون الإرسال التشريعي أيضا إرسالا حتميا قد سدّ فيه تمام أبواب العدم كما سدّ تمام أبواب العدم في الإرسال الخارجي والإلقاء الخارجي ، فكل ذاك البيان يجري فيما إذا كان الكلام يستفاد منه ، الإرسال والإلقاء ، إما بنحو المعنى الحرفي ، وإمّا بنحو المعنى الاسمي.
القسم الثاني : ما يفرض فيه ، أنّه لا يستفاد منه الإرسال ، لا بنحو المعنى الحرفي ، ولا بنحو المعنى الاسمي ، لكن يكون مضمونه الجعل في العهدة ، فيعتبر أن هذا الفعل في عهدة المكلف ، من قبيل ، «ولله على الناس حجّ البيت ، كتب عليكم الصيام ، كما كتب على الذين من قبلكم» «وعلى فلان أن يتصدق بمد من الطعام» ونحو ذلك مما يرد في الروايات والآيات ، فإنّ هذه ، مضمونها جعل الشيء في العهدة ، وحيث أنّ العهدة من الأوعية والاعتبارات العقلائية ، التي ارتكز عقلائيا ، كونها موضوعا للوجوب واللزوم في باب الضمانات والديون ، فلهذا ينعقد لهذا الكلام ظهور عرفي في أنّ هذه العهدة ، تستتبع إلزاما من قبل المولى بالإتيان بالفعل ، لأن كون مال الغير في عهدته ،