الفعل الأجنبي للغير هذا بالنسبة إلى الأمر الأول.
ثم إن هذا الفعل الصادر من زيد ، على قسمين ، فتارة يكون صادرا منه بالمباشرة ، وأخرى يكون صادرا منه بالتسبيب ، والنسبة الصدورية محفوظة في كليهما ، حتى في الفعل الصادر بالتسبيب ، ويصدق فيه فعل الماضي ، فضلا عن فعل الأمر ، فلو فرض أن إنسانا تصدّى إلى غسل المسجد ، لكن لا بنفسه ، بل بالتسبيب ، فيصدق فيه أنه غسل المسجد ، باعتبار انحفاظ النسبة الصدورية في المقام.
وحينئذ هل مقتضى ظهور المادة ، هو الاختصار على الحصة المباشرية ، أو يشمل الحصة التسبيبية؟.
فيه تفصيل ، وحاصله ، أن المادة وهي الحدث والفعل ، تارة تكون نسبته إلى الفاعل المأمور نسبة الفعل إلى الفاعل فقط ، وأخرى تكون نسبة العرض إلى محله ، ومثاله ، تارة تقول «يا زيد اغسل المسجد» وأخرى «يا زيد اشرب الماء» ففي المثال الأول نسبة الغسل إلى زيد نسبة الفعل إلى الفاعل ، لا نسبة العرض إلى محله ، لأن الغسل محله المسجد ، وفي المثال الثاني ، الشرب له نسبتان إلى زيد ، إحداهما نسبة الفعل إلى فاعله ، والأخرى نسبة الشرب إلى الشارب يعني نسبة الصفة إلى المحل بحيث هو يشرب لا غيره.
في القسم الأول الذي هو من قبيل «يا زيد اغسل المسجد» ، مقتضى الإطلاق في المادة هو الشمول للحصة المباشرية وللحصة التسبيبية معا ، لأن غاية ما تقتضيه المادة في «اغسل» هو النسبة الصدورية وهذه النسبة محفوظة في الحصة المباشرية والحصة التسبيبية.
وأما في القسم الثاني ، في مثل «اشرب يا زيد» فلو أن زيدا سبّب في أن عمروا هو بنفسه يشرب ، فهذا ليس مصداقا للمادة في المقام ، لوضوح أن الشرب هنا له نسبتان إلى زيد ، إحداهما نسبة الفعل إلى الفاعل ، وهذه محفوظة حتى في شرب عمرو ، فإن شرب عمرو هو فعل زيد لأن زيدا هو