أمّا أصالة الاشتغال ، فلأنها بملاك أن الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، وهنا لا شغل يقيني من أول الأمر ، إذن فتجري البراءة بلا إشكال.
وإن كان الشك في تقيّد الوجوب من الصورة الثانية ، بنحو الشرط المقارن لا بنحو الشرط المتأخر ، بمعنى أن الوجوب ثابت من أول الأمر يقينا ، ولكن يشك بارتفاعه بإتيان الغير بالفعل.
وهنا إن قيل بجريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية ، كما هو الصحيح ، حينئذ ، فلا إشكال في تمامية أركان الاستصحاب في المقام ، لأنّ الوجوب معلوم ثبوتا ، ومشكوك بقاء ، فيجري استصحاب بقاء الوجوب بعد إتيان الغير بالفعل ، فيتنجز على المكلف الإتيان به.
وأما إذا قيل بعدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية ، أو قطع النظر عن جريان الاستصحاب ، فهل المقام مجرى للبراءة أو للاشتغال؟.
فيه تحقيق وتفصيل ، وحاصله.
أنّ الشك في السقوط بفعل الغير ، يكون بإحدى نكتتين ، فإنّ فعل الغير الذي يشك في كونه مسقطا.
قد تكون مسقطيته بنكتة كونه مستوفيا لغرض المولى ، فلو أمر المولى زيدا بغسل المسجد ، فلعلّ عمروا ، لو غسله ، يسقط الوجوب ، لأنّه بغسل عمرو للمسجد ، يحصل الغرض فتكون المسقطية المحتملة لفعل الغير ، باعتبار استيفائه للغرض.
وقد تكون المسقطية المحتملة لفعل الغير بنكتة زوال غرض المولى وانقلاب محبوبه إلى مبغوض له فهو هنا ، لا يريد من عبده الإتيان بالفعل ، بل يكره له ذلك ، من قبيل التشبّه بالكفار ، فإن المولى لا يريد من عبده أن يفعله ، لأنه تشبّه بالكفّار أعداء المولى ، وبذلك فقد يوجب فعل الغير هنا ، خروج المحبوب للمولى عن كونه محبوبا وبذلك تكون المسقطية ، بزوال غرض