بذلك الإجزاء والسقوط بالحصة الغير اختيارية ، لأن هذا مصداق للواجب الذي هو الجامع ، ولا مجال للتمسك بإطلاق الهيئة لإثبات عدم السقوط ، لأن الوجوب الذي هو مفاد الهيئة لا يعقل أن يكون له أثر مع وجود متعلقه خارجا ، والمفروض أن متعلقه هو الجامع ، وقد وجد الجامع ولو في الحصة الغير اختيارية.
وقد استشكل في المقام ، بالتمسك بإطلاق المادة ، بعد الفراغ عن أن المادة («الغسل») مثلا ، فإنها بحسب طبعها الأولي ، ووضعها اللغوي ، لم توضع لخصوص الحصة الاختيارية ، بل وضعت للجامع ، بين الاختياري وغير الاختياري ، فمن ناحية لغوية لا إشكال في قابلية المادة الإطلاق والشمول للحصة غير الاختيارية أيضا ، وإنما وقع الإشكال في إطلاق المادة ، باعتبار محاذير عقلية ثبوتية ، تقتضي تقييد إطلاق المادة ، بخصوص الحصة الاختيارية.
فأول الإشكالات على التمسك بإطلاق المادة ، ما أشار إليه المحقق النائيني قدسسره ، وحاصله.
إنّ الأمر في («اغسل») إنما هو بداعي المحركية والباعثية للمكلف نحو المادة ، ومن الواضح ، أن داعي المحركية ، لا يعقل إلّا نحو المقدور (١) ، فلا معنى لتحريك الشخص نحو ما لا يقدر عليه ، فبقرينة عقلية ، وهي استحالة التحريك نحو غير المقدور ، يلتزم بكون المادة المبعوث نحوها هي الحصة الاختيارية بالخصوص.
وهذا الإشكال ، بهذا التقريب جوابه الصحيح هو أن يقال : إنه مع التسليم بأنّ صيغة افعل ، مفادها هو داعي المحركية ، وأنّ هذا الداعي لا يكون إلّا نحو المقدور ، إلّا أن الكلام في المقام إنما هو في أن متعلق الأمر ـ «الغسل» ـ يكون هو الجامع بين الحصة الاختيارية وغير الاختيارية ، بنحو
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي ص ٧٥ ـ ٧٦.