الهيئة معارض بإطلاق المادة ، بينما في المزاحمة ، الوجوب معلوم السقوط باعتبار التزاحم وعدم إمكان الترتب بحسب الغرض.
إذن فإطلاق المادة بلحاظ محمولها الثاني وهو الملاك ، لا يعارضه إطلاق الوجوب ، لأنّ الوجوب ساقط رأسا بالمزاحمة ، وأمّا في المقام ، فالوجوب ليس ساقطا ، وإنما يشك في أنّ الإتيان بالحصة غير الاختيارية يسقط الوجوب أو لا يسقطه ، فحينئذ ، إطلاق المادة بلحاظ محمولها الثاني وهو الملاك ، يسقط الوجوب ، وإطلاق الهيئة بلحاظ الوجوب يثبت الوجوب ، فيتعارض الإطلاقان في المقام ، بينما لا تعارض بينهما في باب المزاحمة.
البيان الثاني
هو أن يقال بأن المادة وإن وقعت موضوعا لكلا المحمولين الوجوب والملاك ، لكن موضوعيتها للملاك في طول موضوعيتها للوجوب ، بمعنى أن صيغة الأمر («افعل») تدل بالمطابقة على وجوب المادة ، وبالالتزام ، على وجود الملاك ، ولا إشكال عند الجميع ، في أنّ الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية وجودا ، فلو لم يكن في الخطاب ظهور دال على الوجوب ، فلا يكون فيه ظهور يدل بالالتزام على الملاك ، كما هو عند الميرزا ومشهور طبقته ، أنّ الدلالة الالتزامية غير تابعة للدلالة المطابقية في الحجية ، بل في الوجود.
وعلى هذا يقال في مورد المزاحمة في خطاب («صلّ») ، حيث انعقد ظهور ودلالة مطابقية في وجوب الصلاة ، ودلالة التزامية في ثبوت الملاك ، غاية الأمر أن خطاب («أزل») يكون كاشفا عن بطلان المدلول المطابقي ، بمعنى عدم وجوب الصلاة ، وأمّا المدلول الالتزامي فلا كاشف عن بطلانه ، إذ لعلّ الملاك موجود ، إذن فيؤخذ بالدلالة الالتزامية لأنها غير تابعة للدلالة المطابقية في الحجية فتبقى الدلالة الالتزامية على الحجيّة ، هذا في مورد المزاحمة.